عنوان و نام پديدآور:مناقب آل ابی طالب/ تالیف رشید الدین ابی عبد الله محمد بن علی بن شهر آشوب. تحقیق علی السید جمال اشرف الحسینی.
مشخصات نشر:قم: المکتبه الحیدریه، 1432ق = 1390.
مشخصات ظاهری:12ج
وضعیت فهرست نویسی:در انتظار فهرستنویسی (اطلاعات ثبت)
يادداشت:ج.9. (چاپ اول)
شماره کتابشناسی ملی:2481606
ص: 1
مناقب آل أبي طالب
تأليف الإمام الحافظ رشيد الدين أبي عبد اللّه محمد بن علي بن شهرآشوب
الجزء التاسع
تحقيق السيد علي السيد جمال أشرف الحسيني
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 3
ص: 4
ص: 5
ص: 6
ص: 7
ص: 8
قال اللّه تعالى : « وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ » ، ولا اتّباع أحسن من اتّباع الحسن والحسين عليهماالسلام .
وقال تعالى : « أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ » ، فقد ألحق اللّه بهما ذرّيّتهما برسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وشهد بذلك كتابه ، فوجب لهم الطاعة بحقّ الإمامة مثل ما وجب للنبي صلى الله عليه و آله لحقّ النبوة .
وقال - تعالى - حكاية عن حملة العرش : « الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْما فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ » .
ص: 9
وقال أيضا : « وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ » .
ولا يسبق النبي صلى الله عليه و آله في فضيلة ، وليس أحقّ بهذا الدعاء بهذه الصيغة منه وذريّته ، فقد وجب لهم الإمامة .
ويستدلّ على إمامتهما بما رواه الطريقان المختلفان ، والطائفتان المتباينتان من نصّ النبي صلى الله عليه و آله على إمامة الإثني عشر ، وإذا ثبت ذلك ، فكلّ من قال بإمامة الإثني عشر قطع على إمامتهما .
ويدلّ أيضا ما ثبت بلا خلاف : أنّهما عليهماالسلام دعوا الناس إلى بيعتهما والقول بإمامتهما ، فلا يخلو من أن يكونا محقّين أو مبطلين .
فإن كانا محقّين فقد ثبتت إمامتهما عليهماالسلام ، وإن كانا مبطلين وجب القول بتفسيقهما وتضليلهما ، وهذا لا يقوله مسلم .
ويستدلّ أيضا بأنّ طريق الإمامة لا يخلو إمّا أن يكون هو النصّ ، أو الوصف والاختيار ، وكلّ ذلك قد حصل في حقّهما ، فوجب القول بإمامتهما .
ص: 10
ويستدلّ أيضا بما قد ثبت بأنّهما خرجا وادّعيا ، ولم يكن في زمانهما غير معاوية ويزيد ، وهما قد ثبت فسقهما ، بل كفرهما ، فيجب أن تكون الإمامة للحسن والحسين عليهماالسلام .
ويستدلّ أيضا بإجماع أهل البيت عليهم السلام ، لأنّهم أجمعوا على إمامتهما عليهماالسلام ، وإجماعهم حجّة .
ويستدلّ بالخبر المشهور أنّه قال صلى الله عليه و آله : ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا(1) ، أوجب لهما الإمامة بموجب القول سواء نهضا بالجهاد ، أو قعدا عنه ، دعيا إلى أنفسهما أو تركا ذلك .
وطريقة العصمة والنصوص ، وكونهما أفضل الخلق يدلّ على إمامتهما .
ص: 11
وكانت الخلافة في أولاد الأنبياء عليهم السلام ، وما بقي لنبينا صلى الله عليه و آله ولد سواهما عليهماالسلام .
ومن برهانهما بيعة رسول اللّه صلى الله عليه و آله لهما ، ولم يبايع صغيرا غيرهما(1) .
ونزول القرآن بإيجاب ثواب الجنّة عن عملهما مع ظاهر الطفولية(2) منهما ، قوله تعالى: « وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ » الآيات، فعمّهما بهذا القول مع أبويهما عليهم السلام.
وادخالهما عليهماالسلام في المباهلة ، قال ابن(3) علان المعتزلي : هذا يدلّ على أنّهما كانا مكلّفين في تلك الحال ، لأنّ المباهلة لا تجوز إلاّ مع البالغين(4) .
وقال أصحابنا : إنّ صغر السنّ عن حدّ البلوغ لا ينافي كمال العقل وبلوغ الحلم حدّا لتعلّق الأحكام الشرعية ، فكان ذلك لخرق العادة .
ص: 12
فثبت بذلك أنّهما كانا حجّة اللّه لنبيه صلى الله عليه و آله في المباهلة مع طفولتيهما ، ولو لم يكونا إمامين لم يحتجّ اللّه بهما مع صغر سنّهما على أعدائه ، ولم يتبيّن في الآية ذكر قبول دعائهما .
ولو أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وجد من يقوم مقامهم عليهم السلام غيرهم لباهل بهم أو جمعهم معهم ، فاقتصاره عليهم عليهم السلام يبيّن فضلهم ونقص غيرهم(1) .
وقد قدّمهم في الذكر على الأنفس ليبيّن عن لطف مكانهم وقرب منزلهم ، وليؤذن بأنّهم مقدّمون على الأنفس معدّون بها .
وفيه دليل لا شيء أقوى منه : أنّهم أفضل خلق اللّه (2) .
واعلم أنّ اللّه - تعالى - قال في التوحيد والعدل : « قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ » .
وفي النبوة والإمامة : « فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ » .
وفي الشرعيات والأحكام : « قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ » .
وقد أجمع المفسّرون بأنّ المراد بأبنائنا الحسن والحسين عليهماالسلام .
قال أبو بكر الرازي : هذا يدلّ على أنّهما ابنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وأنّ ولد الابنة ابن على الحقيقة(3) .
وحديث المباهلة رواه الترمذي في جامعه ، وقال : هذا حديث حسن(4) .
ص: 13
وذكر مسلم : أنّ معاوية أمر سعد بن أبي وقاص أن يسبّ أبا تراب ، فذكر قول النبي صلى الله عليه و آله : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى . . الخبر . وقوله : لأعطين الراية غدا رجلاً . . الخبر . وقوله تعالى : « نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ »(1) . . القصّة .
وقد رواه أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الفوارس بإسناده عن سعد بن أبي وقّاص : قال لعلي عليه السلام ثلاث ، فلئن تكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ من حمر النعم . . ثم روى الخبر بعينه(2) .
وفي أخرى لمسلم : قال سعد بن أبي وقّاص : لمّا نزلت قوله تعالى « فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ » ، دعا رسول اللّه صلى الله عليه و آله عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، وقال : اللّهم هؤلاء أهلي(3) .
أبو نعيم الأصفهاني فيما نزل من القرآن في أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال الشعبي :
قال جابر : « وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ » رسول اللّه وعلي عليهماالسلام « أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ »الحسن والحسين عليهماالسلام « وَنِساءَنا » فاطمة(4) عليهاالسلام .
ص: 14
وروى الواحدي في أسباب نزول القرآن بإسناده عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل عن أبيه(1) .
وروى ابن البيع في معرفة علوم الحديث عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس(2) .
وروى مسلم في الصحيح(3) .
والترمذي في الجامع(4) .
وأحمد بن حنبل في المسند(5) ، وفي الفضائل أيضا(6) .
وابن بطّة في الإبانة .
وابن ماجة القزيني في السنن .
والأشنهي في اعتقاد أهل السنة .
والخركوشي في شرف النبي(7) صلى الله عليه و آله .
وقد رواه محمد بن إسحاق .
وقتيبة بن سعيد .
ص: 15
والحسن البصري .
ومحمود الزمخشري .
وابن جرير الطبري .
والقاضي أبو يوسف .
والقاضي المعتمد أبو العباس .
وروي عن ابن عباس .
وسعيد بن جبير .
ومجاهد .
وقتادة .
والحسن .
وأبي صالح .
والشعبي .
والكلبي .
ومحمد بن جعفر بن الزبير .
وأسد(1) .
ص: 16
أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني :
عن شهر بن حوشب .
وعن عمر بن علي .
وعن الكلبي .
وعن أبي صالح .
وعن ابن عباس .
وعن الشعبي .
وعن الثمالي .
وعن شريك .
وعن جابر .
وعن أبي رافع .
وعن الصادق عليه السلام .
وعن الباقر عليه السلام .
وعن أمير المؤمنين عليه السلام .
وقد اجتمعت الإمامية والزيدية مع اختلاف رواياتهم على ذلك .
ومجمع الحديث من الطرق جميعا :
إنّ وفد نجران كانوا أربعين رجلاً ، وفيهم : السيّد ، والعاقب ، والقيس ، والحارث ، وعبد المسيح بن يونان أسقف نجران .
ص: 17
فقال الأسقف : يا أبا القاسم ! موسى عليه السلام من أبوه ؟ قال : عمران .
قال : فيوسف عليه السلام من أبوه ؟ قال : يعقوب عليه السلام .
قال : فأنت من أبوك ؟ قال : أبي عبد اللّه بن عبد المطلب .
قال : فعيسى عليه السلام من أبوه ؟ فأعرض النبي صلى الله عليه و آله عنهم ، فنزل : « إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ » الآية ، فتلاها رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فغشي عليه .
فلمّا أفاق قال : أتزعم أنّ اللّه - تعالى - أوحى إليك : أنّ عيسى خلق من تراب ؟! ما نجد هذا فيما أوحى إليك ، ولا نجده فيما أوحى الينا ، ولا يجده هؤلاء اليهود فيما أوحي إليهم ، فنزل : « فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ » الآية .
قال : أنصفتنا - يا أبا القاسم - فمتى نباهلك ؟
فقال : بالغداة إن شاء اللّه .
وانصرف النصارى ، فقال السيّد الحارث : ما تصنعون بمباهلته ؟ قال : إن كان كاذبا ما تصنع بمباهلته شيئا ، وإن كان صادقا لنهلكّن .
فقال الأسقف : إن غدا فجاء بولده وأهل بيته ، فاحذروا مباهلته ، وإن غدا بأصحابه فليس بشيء .
فغدا رسول اللّه صلى الله عليه و آله محتضنا الحسين عليه السلام ، آخذا بيد الحسن عليه السلام ، وفاطمة عليهاالسلام تمشي خلفه ، وعلي عليه السلام خلفها .
وفي رواية : آخذا بيد علي عليه السلام ، والحسن والحسين عليهماالسلام بين يديه ، وفاطمة عليهاالسلام تتبعه .
ص: 18
ثم جثى بركبتيه ، وجعل عليا عليه السلام أمامه بين يديه ، وفاطمة عليهاالسلام بين كتفيه ، والحسن عليه السلام عن يمينه ، والحسين عليه السلام عن يساره ، وهو يقول لهم : إذا دعوت فأمّنوا .
فقال الأسقف : جثى - واللّه - محمد صلى الله عليه و آله كما يجثو الأنبياء للمباهلة ، وخافوا ، فقالوا : يا أبا القاسم ، أقلنا ، أقال اللّه عثرتك ، فقال : نعم ، قد أقلتكم .
فصالحوه على ألفي حلّة ، وثلاثين درعا ، وثلاثين فرسا ، وثلاثين حملاً .
ولم يلبث السيّد والعاقب إلاّ يسيرا حتى رجعا إلى النبي صلى الله عليه و آله وأسلما ، وأهدى العاقب له حلّة وعصا وقدحا ونعلين(1) .
وروي أنّه قال النبي صلى الله عليه و آله : والذي نفسي بيده ، إنّ العذاب قد تدلّى على أهل نجران ، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ، ولأضرم عليهم الوادي نارا ، ولاستأصل اللّه نجران وأهله حتى الطير على رؤوس الشجر ، ولما حال الحول على النصارى كلّهم حتى يهلكوا(2) .
وفي رواية: لوباهلتموني بمن تحت الكساء لأضرم اللّه عليكم نارا تأجّج، ثم ساقها إلى من وراءكم في أسرع من طرفة العين ، فأحرقتهم تأجّجا(3) .
ص: 19
وفي رواية : لو لاعنوني لقلعت دار(1) كلّ نصراني في الدنيا(2) .
وفي رواية : أما - والذي نفسي بيده - لو لاعنوني ما حال الحول وبحضرتهم منهم بشر(3) .
وكانت المباهلة يوم الرابع والعشرين من ذي الحجّة(4) ، وروي يوم الخامس والعشرين ، والأوّل أظهر(5) .
قال الحميري :
تعالوا ندع أنفسنا فندعو
جميعا والأهالي والبنينا
وأنفسكم فنبتهل ابتهالاً
إليه ليلعن المتكبّرينا
فقد قال النبي وكان طبّا
بما يأتي وأزكى القائلينا
إذا جحدوا الولاء فباهلوهم
إلى الرحمن تأتوا غالبينا(6)
* * *
وله أيضا :
ولقد عجبت لقائل لي مرّة
علامة فهم من الفهماء
أهجرت قومك طاعنا في دينهم
وسلكت غير مسالك الفقهاء
ألا مزجت بحبّ آل محمد
حبّ الجميع فكنت أهل وفاء
ص: 20
فأجبته بجواب غير مباعد
للحقّ ملبوس عليه غطاء
أهل الكساء أحبّتي فهم اللذوا
فرض الإله لهم عليّ ولائي
ولمن أحبّهم ووالى دينهم
فلهم عليّ مودّة بصفاء
والعاندون لهم عليهم لعنتي
وأخصّهم منّي بقصد هجاء(1)
* * *
وله أيضا :
أو لم يقل للمشركين وكذّبوا
بالوحي واتّخذوا الهدى سخريّا
قوموا بأنفسنا وأنفسكم معا
ونساؤنا وبينكم وبنيّا
ندعو فنجعل لعنة اللّه التي
تغشى الظلام العاند المشنيّا
نصب الكساء فكان فيه خمسة
خير البريّة كلّها إنسيّا(2)
* * *
وله أيضا :
وفي أهل نجران عشية أقبلوا
إليه وحجّوا بالمسيح فأبدعوا
وردّوا عليه القول كفرا كذّبوا
وقد سمعوا ما قال فيه وارعووا
فقالوا تعالوا ندع أبناءنا معا
وأبناءكم ثم النساء فأجمعوا
وأنفسنا ندعوا وأنفسكم معا
ليجمعنا فيه من الأصل مجمع
فقالوا نعم فاجمع نباهلك بكرة
وللقوم فيه شرّة وتسرع
ص: 21
فجاؤوا وجاء المصطفى وابن عمّه
وفاطم والسبطان كي يتضرّعوا
إلى اللّه في الوقت الذي كان بينهم
فلمّا رأوهم أحجموا وتضعضعوا(1)
* * *
وله أيضا :
وبكرن علقمة النصارى أذعنت
في عزّها والباذخ المتعقد
إذ قال كرز هاؤموا أبناءكم
ونساءكم حتى نباهل في غد
فأتى النبي بفاطم ووليّها
وحسين والحسن الكريم المصعد
جبريل سادسهم فأكرم سادس
وأخير منتجب لأفضل مشهد(2)
* * *
وقال العوني في مذهته :
أما سمعتم خبر المباهله
أما علمتم أنّها مفاضله
بين الورى فهل رأى من عادله
في الفضل عند ربّه ما حامله
فيها ولا قرّبه نجيّا
إذ كان غير ناطق عن الهوى
إلاّ بأمر مبرم من ذي العلى
فكيف أقصاهم وأدنى المحتوى
إذا لقد ضلّ ضلالاً وغوى
ولم يكن حاشا له غويّا
* * *
ص: 22
وله أيضا :
هذا وقد شبّهه هارون من
موسى فهل لملكهم مثالها
هذا وقد شاركه يوم العبا
في نفسه فابتهل ابتهالها
وليلة الفراش من قال لها
قال علي مسرعا أنا لها
* * *
وقال ابن الرومي :
من مثل عترة أحمد ووصيّه
والخلق والخلق المهذّب والحجى
* * *
وقال الصاحب :
أفي رفعه يوم التباهل قدره
وذلك مجد ما علمت مواظب
أفي ضمّه يوم الكساء وقوله
هم أهل بيتي حين جبريل حاسب
* * *
وقال ابن الرومي :
قوم بهم قال النبي مباهلاً
وعليهم مدّ النجاد الأحرجا
عرج الأمين أخا من حبّه
وأبى بغير إخوة أن يعرجا
* * *
وقال خطيب منبج :
تعالوا ندع أنفسنا جميعا
وأهلينا الأقارب والبنينا
فنجعل لعنة اللّه ابتهالاً
على أهل العناد الكاذبينا
* * *
ص: 23
وقال ابن العودي :
هم باهلوا نجران من داخل العبا
فعاد المنادي عنهم وهو مفحم
وأقبل جبريل يقول مفاخرا
لميكال من مثلي وقد صرت منهم
فمن مثلهم في العالمين وقد غدا
لهم سيّد الأملاك جبريل يخدم
* * *
وقال آخر :
ويوم العبا قد كان باهل أحمد
به وبسبطيه شبير وشبر
وفاطمة خير النساء وهذه
لمعجزة لو أنّهم يتفكّروا
وقال لهم جبريل هل أنا منكم
ومرّ على الأملاك إذ ذاك يفخر
يقول أنا من أهل بيت محمد
وما أحد غيري على ذاك يقدر
* * *
وقال ابن رزيك :
لا تعذلنّي إنّني لا أقتفي
سبل الضلال لقول كلّ عذول
عند التباهل ما علمنا سادسا
تحت الكساء منهم سوى جبريل
* * *
وله أيضا :
بهم باهل اللّه أعداءه
وكان الرسول بهم باهلا
وهذا الكتاب وإعجازه
على من وفي بيت من انزلا
* * *
ص: 24
وروى أبو صالح ، ومجاهد ، والضحاك ، والحسن ، وعطاء ، وقتادة ، ومقاتل ، والليث ، وابن عباس ، وابن مسعود ، وابن جبير ، وعمرو بن شعيب ، والحسن بن مهران ، والنقاش ، والقشيري ، والثعلبي ، والواحدي في تفاسيرهم .
وصاحب أسباب النزول ، والخطيب المكي في الأربعين ، وأبو بكر الشيرازي في نزول القرآن في أمير المؤمنين عليه السلام ، والأشنهي في اعتقاد أهل السنّة ، وأبو بكر محمد بن أحمد بن الفضل النحوي في العروس في الزهد(1) .
وروى أهل البيت عليهم السلام عن الأصبغ بن نباتة وغيره عن الباقر عليه السلام ، واللّفظ له :
في قوله تعالى : « هَلْ أَتى عَلَى الإِْنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ » أنّه مرض الحسن والحسين عليهماالسلام ، فعادهما رسول اللّه صلى الله عليه و آله في جميع أصحابه وقال لعلي عليه السلام : يا أبا الحسن ، لو نذرت في ابنيك نذرا عافاهما اللّه ، فقال : أصوم ثلاثة أيام ، وكذلك قالت فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، وجاريتهم فضّة ، فبرؤا .
فأصبحوا صياما ليس عندهم طعام ، فانطلق علي عليه السلام إلى يهودي يقال
له « فنحاص بن الحارا » - وفي رواية : شمعون بن حاريا - يستقرضه ،
ص: 25
وكان يعالج الصوف ، فأعطاه جزّة من صوف وثلاثة أصوع من الشعير ، وقال : تغزلها ابنة محمد صلى الله عليه و آله .
فجاء بذلك ، فغزلت فاطمة عليهاالسلام ثلث الصوف ، ثم طحنت صاعا من الشعير وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص .
فلمّا جلسوا خمستهم ، فأوّل لقمة كسرها علي عليه السلام إذا مسكين على الباب يقول : السلام عليكم يا أهل بيت محمد صلى الله عليه و آله ، أنا مسكين من مساكين المسلمين ، أطعموني ممّا تأكلون ، أطعمكم اللّه على موائد الجنّة ، فوضع اللّقمة من يده وقال :
فاطم ذات المجد واليقين
يا بنت خير الناس أجمعين
أما ترين البائس المسكين
قد قام بالباب له حنين
يشكو الينا جائع حزين
كلّ امرئ بكسبه رهين
* * *
فقالت فاطمة عليهاالسلام :
أمرك سمعا يا بن عمّ طاعه
ما فيّ من لؤم ولا وضاعه
أطعمه ولا أبالي الساعه
أرجو إذا أشبعت ذا مجاعه
أن ألحق الأخيار والجماعه
وأدخل الخلد ولي شفاعه
* * *
ودفعت ما كان على الخوان إليه ، وباتوا جياعا ، وأصبحوا صياما ، ولم يذوقوا إلاّ الماء القراح .
ص: 26
فلمّا أصبحوا غزلت الثلث الثاني ، وطحنت صاعا من الشعير وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص .
فلمّا جلسوا خمستهم ، وكسر علي عليه السلام لقمة إذا يتيم على الباب يقول : السلام عليكم أهل بيت محمد صلى الله عليه و آله ، أنا يتيم من أيتام المسلمين ، أطعموني ممّا تأكلون ، أطعمكم اللّه من موائد الجنّة ، فوضع اللّقمة من يده ، وقال :
فاطم بنت السيّد الكريم
بنت نبي ليس بالذميم
قد جاءنا اللّه بذا اليتيم
من يرحم اليوم فهو رحيم
موعده في جنّة النعيم
حرّمها اللّه على اللئيم
* * *
وقالت فاطمة عليهاالسلام :
إنّي أعطيه ولا أبالي
وأوثر اللّه على عيالي
أمسوا جياعا وهم أشبالي
ثم دفعت ما كان على الخوان إليه ، وباتوا جياعا لا يذوقون إلاّ الماء القراح .
فلمّا أصبحوا غزلت الثلث الباقي ، وطحنت الصاع الباقي وعجنته ، وخبزت منه خمسة أقراص .
فلمّا جلسوا خمستهم ، فأوّل لقمة كسرها علي عليه السلام إذا أسير من أسراء المشركين على الباب يقول : السلام عليكم أهل بيت محمد صلى الله عليه و آلهتأسروننا وتشدّوننا ولا تطعموننا ، فوضع علي عليه السلام من يده اللّقمة ، وقال :
ص: 27
فاطم يا بنت النبي أحمد
بنت نبي سيّد مسوّد
هذا أسير للنبي المهتدي
مكبّل في غلّه مقيّد
يشكو الينا الجوع قد تقدد
من يطعم اليوم يجده في غد
عند العلي الواحد الممجّد
* * *
فقالت فاطمة عليهاالسلام :
لم يبق ممّا كان غير صاع
قد دميت كفّي مع الذراع
وما على رأسي من قناع
إلاّ عباء نسجه يضاع
ابناي واللّه من الجياع
يا ربّ لا تتركهما ضياع
أبوهما للخير ذو اصطناع
عبل الذراعين شديد الباع
* * *
وأعطته ما كان على الخوان ، وباتوا جياعا ، وأصبحوا مفطرين وليس عندهم شيء .
فرآهم النبي صلى الله عليه و آله جياعا ، فنزل جبرئيل عليه السلام ومعه صحفة من الذهب مرصّعة بالدر والياقوت ، مملوءة من الثريد ، وعراقا يفوح منه رائحة المسك والكافور ، فجلسوا فأكلوا حتى شبعوا ، ولم تنقص منها لقمة واحدة .
وخرج الحسين عليه السلام ومعه قطعة عراق ، فنادته امرأة يهودية : يا أهل بيت الجوع من أين لكم لكم هذا ؟! أطعمنيها ، فمدّ يده الحسين عليه السلام ليطعمها ، فهبط جبرئيل عليه السلام فأخذها من يده ، ورفع الصحفة إلى السماء .
ص: 28
فقال النبي صلى الله عليه و آله : لولا ما أراد الحسين عليه السلام من إطعام الجارية تلك القطعة لتركت تلك الصحفة في أهل بيتي يأكلون منها إلى يوم القيامة لا تنقص لقمة ، ونزلت : « يُوفُونَ بِالنَّذْرِ » .
وكانت الصدقة في ليلة خمس وعشرين من ذي الحجّة ، ونزلت « هَلْ أَتى » في يوم الخامس والعشرين منه(1) .
* * *
الخركوشي في شرف المصطفى صلى الله عليه و آله عن زينب بنت حصين في خبر : إنّ النبي صلى الله عليه و آله دخل على فاطمة عليهاالسلام غداة من الغدوات ، فقالت : يا أبتاه قد أصبحنا وليس عندنا شيء ، فقال : هاتي ذينك الطيرين .
فالتفتت فإذا طيران خلفها ، فوضعتهما عنده ، فقال لعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام : كلوا بسم اللّه .
فبينما هم يأكلون إذ جاءهم سائل ، فقام على الباب فقال : السلام عليكم يا أهل البيت ، أطعمونا ممّا رزقكم اللّه ، فردّ النبي صلى الله عليه و آله : يطعمك اللّه يا عبد اللّه .
فمكث غير بعيد ، ثم رجع ، فقال مثل ذلك ، ثم ذهب ثم رجع ، فقالت فاطمة عليهاالسلام : يا أبتاه سائل ، فقال : يا بنتاه ، هذا هو الشيطان جاء ليأكل من هذا الطعام ، ولم يكن اللّه ليطعمه هذا من طعام الجنّة(2) .
ص: 29
وقال : وجاء سبب قوله « وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِينا وَيَتِيما وَأَسِيرا » موافقا لقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهماالسلام سيّد الأولياء وأبى الأئمة النجباء الهادين بجدّ إلى الحقّ .
حساب كلّ منهما ألف وثلاثمائة وثلاث وتسعون .
قال ابن رزيك :
ولايتي لأمير المؤمنين علي
بها بلغت الذي أرجوه من أملي
إن كان قد أنكر الحسّاد رتبته
في جوده فتمسّك يا أخي بهل
* * *
وله أيضا :
آل رسول الإله قوم
مقدارهم في العلى خطير
إذ جاءهم سائل يتيم
وجاء من بعده أسير
أخافهم في المعاد يوم
معظم الهول قمطرير
فقد وقوا شرّ ما اتّقوه
وصار عقباهم السرور
في جنّة لا يرون فيها
شمسا ولا ثمّ زمهرير
يطوف ولدانهم عليهم
كأنّهم لؤلؤ نثير
لباسهم في جنان عدن
سندسها الأخضر الحرير
جازاهم ربّهم بهذا
وهو لما قد سعوا شكور
* * *
ص: 30
وله أيضا :
إنّ الأبرار يشربون بكأس
كان حقّا مزاجها كافورا
ولهم أنشأ المهيمن عينا
فجّروها عباده تفجيرا
وهداهم وقال يوفون بالنذر
فمن مثلهم يوفي النذورا
ويخافون بعد ذلك يوما
هائلاً كان شرّه مستطيرا
يطعمون الطعام ذا اليتيم والمس
كين في حبّ ربّهم والأسيرا
إنّما نطعم الطعام لوجه اللّه
لا نبتغي لديكم شكورا
غير أنّا نخاف من ربّنا يوما
فوقاهم إلههم ذلك اليوم
ويلقون نضرة وسرورا
وجزاهم بأنّهم صبروا في
السرّ والجهر جنّة وحريرا
متكئين لا يرون لدى الجنّة
شمسا كلاّ ولا زمهريرا
وعليهم ظلالها دانيات
ذلّلت في قطوفها تيسيرا
وبأكواب فضّة وقوارير
قوارير قدّرت تقديرا
ويطوف الولدان فيها عليهم
فيخالون لؤلؤا منثورا
بكؤوس قد مزجت زنجبيلاً
لذّة الشاربين تشفي الصدورا
ويحلّون بالأساور فيها
وسقاهم ربّي شرابا طهورا
وعليهم فيها ثياب من السندس
خضر في الخلد تلمع نورا
إنّ هذا لكم جزاء من اللّه
وقد كان سعيكم مشكورا
ص: 31
وله أيضا :
واللّه أثنى عليهم
لمّا وفوا بالنذور
وخصّهم وحباهم
بجنّة وحرير
لا يعرفون بشمس
فيها ولا زمهرير
يسقون فيها كأسا
رحيقا ممزوجا بكافور
* * *
وله أيضا :
في هل أتى حين على الانسان ما
يقنع من جادل فيه وشبا(1)
يوفون بالنذر وما أعطاهمربّهم من كلّ فضل وحبا
* * *
وله أيضا :
في هل أتى إن كنت تقرأ هل أتى
ستصيب سعيهم بها مشكورا
إذ أطعموا المسكين ثمّة أطعموا
الطفل اليتيم وأطعموا المأسورا
قالوا لوجه اللّه نطعمكم فلا
منكم جزاء نبتغي وشكورا
إنّا نخاف ونتقي من ربّنا
يوما عبوسا لم يزل محذورا
فوقوا بذلك شرّ يوم باسل(2)
ولقوا بذلك نضرة وسرورا
وجزاهم ربّ العباد بصبرهم
يوم القيامة جنّة وحريرا
وسقاهم من سلسبيل كأسها
بمزاجها قد فجّرت تفجيرا
ص: 32
يسقون فيها من رحيق تختم
بالمسك كان مزاجها كافورا
فيها قوارير لها من فضّة
وأكواب قد قدّرت تقديرا
يسعى بها ولدانهم فتخالهم
للحسن منهم لؤلؤا منثورا
* * *
وله أيضا :
هل أتى فيهم تنزل فيها
فضلهم محكما وفي السورات
يطعمون الطعام خوفا فقيرا
ويتيما وعانيا في العنات(1)
إنّما نطعم الطعام لوجه اللّه لا للجزاء في العاجلات
فجزاهم بصبرهم جنّة الخلدبها من كواعب خيرات
* * *
وقال الصاحب :
وإذا قرأنا هل أتى
قرأت وجوههم عبس
* * *
وله أيضا :
علي له في هل أتى ما تلوتم
على الرغم من آنافكم فتفرّدوا
* * *
وقال الناشي :
ولقد تبيّن فضلهم في هل أتى
فضل تذلّ به قلوب الحسّد
وجزاؤهم بالصبر ما هو جنّة
فيه الحرير لباسهم لم ينفد
ص: 33
يسقون فيها سلسبيل يديرها
ولدان حور بين حور خرّد(1)
* * *
وله أيضا :
هل أتى على الإنسان حين من ال
دهر مع الخلق لم يكن مذكورا
وابتدا نطفة هنالك أمشاجا
غدا بعده سميعا بصيرا
وهدى نسله فأصبح إمّا
شاكرا مؤمنا وإمّا كفورا
إنّ الأبرار يشربون بكأس
كان مزاجها لهم كافورا
هي عين تجري بقدرة ربّي
فجّرتها عباده تفجيرا
إذ وفوا نذرهم يخافون يوما
في غد كان شرّه مستطيرا
يطعمون الطعام مسكينهم ثم
يتيما ويطعمون الأسيرا
أطعموهم للّه لا لجزاء
أطعموهم ولم يريدوا شكورا
ثم قالوا نخاف من ربّنا يوما
عبوسا لهوله قمطريرا
فيوقون شرّ ذلك اليوم
ويلقون نضرة وسرورا
وجزاهم بصبرهم في العظيمات
على الضيم جنّة وحريرا
واتكاهم على الأرائك لا يرون
فيها شمسا ولا زمهريرا
دانيات الظلال قدذلّل القطف(2)
وإن كان قد علا تسميرا(3)
ص: 34
وعليهم تدور آنية الفضّة
تحوي شرابها المذخورا
في قوارير فضّة قدروها
في ثنايا كمالها تقديرا
ويسقون زنجبيلاً لدى الكاس
مزاجا وسلسبيلاً عبيرا
ويطوف الولدان فيهم يخالون
من الحسن لؤلؤا منثورا
وإذا ما رأيت ثم تأملت
نعيما لهم وملكا كبيرا
وثياب عليهم سندس خضر
وحلّوا أساورا وشذورا
وسقاهم في القدس ربّهم اللّه
شرابا من الجنان طهورا
إنّ هذا هو الجزاء وما زال
بلا شكّ سعيهم مشكورا
* * *
وقال الرئيس العباس الضبي :
هل أتى أنزلت بفضل علي
فمعاديه هل أتى لرشيد
* * *
وقال آخر :
أحببت من لو سألت هل أتى
عنه لقالت فيه قد أنزلت
أمّي حكت أم زياد الدعي
إن كنت فيما قلته أبطلت
* * *
وقال آخر :
أوفوا لربّهم النذور
يخشون شرّا مستطيرا
إذ أطعموا مسكينهم
ويتيمهم ثم الأسيرا
من خوفهم من ربّهم
يوما عبوسا قمطريرا
فوقوا شرور جهنّم
ولقوا به خيرا كثيرا
ص: 35
أبو صالح عن ابن عباس في قوله : « الْحَمْدُ لِلّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى » ، قال : هم أهل بيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين وأولادهم عليهم السلام إلى يوم القيامة ، هم صفوة اللّه وخيرته من خلقه .
أبو نعيم الفضل بن دكين عن سفيان عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير في قوله تعالى : « وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيّاتِنا » الآية ، قال : نزلت هذه الآية - واللّه - خاصّة في أمير المؤمنين(1) عليه السلام .
قال : كان أكثر دعائه يقول : « رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا » ، يعني فاطمة عليهاالسلام ، « وَذُرِّيّاتِنا » ، يعني الحسن والحسين عليهماالسلام ، « قُرَّةَ أَعْيُنٍ »(2) .
قال أمير المؤمنين عليه السلام : واللّه ما سألت ربّي ولدا نضير الوجه ، ولا سألت ولدا حسن القامة ، ولكن سألت ربّي ولدا مطيعين للّه خائفين وجلين منه ، حتى إذا نظرت إليه وهو مطيع للّه قرّت به عيني .
قال : « وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماما » ، قال : نقتدي بمن قبلنا من المتّقين
ص: 36
فيقتدي المتّقون بنا من بعدنا(1) .
وقال اللّه : « أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا » يعني علي بن أبي طالب والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام « وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاما خالِدِينَ فِيها حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاما » .
وقد روي أنّ « وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ »(2) نزلت فيهم(3) .
الصادق عليه السلام في قوله تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورا تَمْشُونَ بِهِ » قال : الكفلين الحسن والحسين عليهماالسلام ، والنور علي(4) عليه السلام .
وفي رواية سماعة عنه عليه السلام : « نُورا تَمْشُونَ بِهِ » قال : إماما تأتّمون به(5) .
ص: 37
ويقال في قوله تعالى : « وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ » أنّ اللّه - تعالى - بنى الدنيا والعقبى على ثلاثين زوجا ، عشرة للعالم الأصغر ، وهي :
العينان ، والأذنان ، والخدان ، والشفتان ، والمنكبان ، والساعدان ، واليدان ، والساقان ، والرجلان .
وعشرة للعالم الأكبر وهي :
الملوان(1) ، والعصران(2) ، والخافقان(3) ، والأزهران(4) ، والسعدان(5) ، والنحسان(6) ، والحجران(7) ، والأقطعان ، والأبهمان ، والأفجران .
وعشرة للدنيا والآخرة ، وهي :
الداران ، والغاران ، والأصغران ، والأكبران ، والأصمعان ، والزوجان، والحافظان ، والأمران ، والحرمان ، والحسنان .
واعلم أنّ الخطّ جزءان ، والمؤلف جوهران ، والموجبان إثنان عقلي وشرعي ، والكلام إثنان مهمل ومستعمل في كثير من ذلك ، ومنه الأبوان والجدّان والزوجان ، وذلك كثير .
ص: 38
قال المؤلف :
نفسي تفدى لسيدي الحسنين
من أحمد والوصيّ خير الثقلين
زوجان فذا مثل السمع وذا مثل العين
فاسلك فيها من كلّ زوجين إثنين
* * *
ص: 39
ص: 40
ص: 41
ص: 42
أحمد بن حنبل وأبو يعلى الموصلي في مسنديهما ، وابن ماجة في السنن ، وابن بطّة في الإبانة ، وأبو سعيد في شرف النبي صلى الله عليه و آله ، والسمعاني في فضائل الصحابة ، بأسانيدهم عن أبي حازم عن أبي هريرة :
قال النبي صلى الله عليه و آله : من أحبّ الحسن والحسين عليهماالسلام فقد أحبّني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني(1) .
جامع الترمذي بإسناده عن أنس بن مالك قال : سئل رسول اللّه صلى الله عليه و آله أيّ أهل بيتك أحبّ إليك ؟ قال : الحسن والحسين(2) عليهماالسلام .
ص: 43
وقال : من أحبّ الحسن والحسين عليهماالسلام أحببته ، ومن أحببته أحبّه اللّه ، ومن أحبّه اللّه أدخله الجنّة ، ومن أبغضهما أبغضته ، ومن أبغضته أبغضه اللّه ، ومن أبغضه اللّه خلده النار(1) .
جامع الترمذي ، وفضائل أحمد ، وشرف المصطفى صلى الله عليه و آله ، وفضائل السمعاني ، وأمالي ابن شريح ، وإبانة ابن بطّة :
إنّ النبي صلى الله عليه و آله أخذ بيد الحسن والحسين عليهماالسلام ، فقال : من أحبّني وأحبّ هذين وأباهما وأمّهما كان معي في درجتي في الجنّة يوم القيامة(2) .
وقد نظمه أبو الحسين في نظم الأخبار فقال :
أخذ النبي يد الحسين وصنوه
يوما وقال وصحبه في مجمع
من ودّني يا قوم أو هذين أو
أبويهما فالخلد مسكنه معي
* * *
جامع الترمذي ، وإبانة العكبري ، وكتاب السمعاني ، بالإسناد عن أسامة بن زيد قال :
ص: 44
طرقت على النبي صلى الله عليه و آله ذات ليلة في بعض الحاجة ، فخرج ، وهو مشتمل على شيء ، ما أدري ما هو .
فلمّا فرغت من حاجتي فقلت : ما هذا الذي أنت مشتمل عليه ؟ فكشفه ، فإذا هو الحسن والحسين عليهماالسلام على وركيه .
فقال : هذان ابناي وابنا ابنتي ، اللّهم إنّي أحبّهما فأحبّهما ، وأحبّ من يحبّهما(1) .
فضائل أحمد ، وتاريخ بغداد ، بالإسناد عن عمر بن عبد العزيز قال : زعمت المرأة الصالحة خولة بنت حكيم :
إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله خرج وهو محتضن أحد ابني ابنته - حسنا أو حسينا عليهماالسلام - وهو يقول : إنّكم لتنجبون(2) وتجهّلون وتبخّلون ، وإنّكم لمن
ريحان اللّه (3) .
ص: 45
علي بن صالح بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن ابن مسعود قال النبي صلى الله عليه و آله ، والحسن والحسين عليهماالسلام جالسان على فخذيه : من أحبّني فليحبّ هذين(1) .
أبو صالح وأبو حازم عن ابن مسعود وأبو هريرة قالا : خرج رسول اللّه صلى الله عليه و آله ومعه الحسن والحسين عليهماالسلام ، هذا على عاتقه ، وهذا على عاتقه ، وهو يلثم هذا مرّة وهذا مرّة ، حتى انتهى الينا ، فقال له رجل : يا رسول اللّه ، إنّك لتحبّهما !
فقال : من أحبّهما فقد أحبّني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني(2) .
الترمذي في الجامع ، والسمعاني في الفضائل ، عن يعلى بن مرّة الثقفي ، والبراء بن عازب ، وأسامة ابن زيد ، وأبي هريرة ، وأم سلمة ، في أحاديثهم :
إنّ النبي صلى الله عليه و آله قال للحسن والحسين عليهماالسلام : اللّهم إنّي أحبّهما(3) .
ص: 46
وفي رواية : وأحبّ من أحبّهما(1) .
أبو الحويرث : إنّ النبي صلى الله عليه و آله قال : اللّهم أحبّ حسنا وحسينا ، وأحبّ من يحبّهما .
معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إنّ حبّ علي قذف في قلوب المؤمنين ، فلا يحبّه إلاّ مؤمن ، ولا يبغضه إلاّ منافق ، وإنّ حبّ الحسن والحسين قذف في قلوب المؤمنين والمنافقين والكافرين ، فلا ترى لهم ذامّا .
ودعا النبي صلى الله عليه و آله الحسن والحسين عليهماالسلام قرب موته ، فقبّلهما وشمّهما ، وجعل يرشفهما وعيناه تهملان .
شرف النبي صلى الله عليه و آله عن الخركوشي ، والفردوس عن الديلمي عن ابن عمر ، والجامع عن الترمذي عن أبي هريرة ، والصحيح عن البخاري ، ومسند الرضا عليه السلام عن آبائه عن النبي صلى الله عليه و آله ، واللّفظ له قال :
الولد ريحانة ، والحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا(2) .
ص: 47
قال الترمذي : هذا حديث صحيح ، وقد رواه شعبة ومهدي بن ميمون عن محمد بن يعقوب(1) .
ويروى عنه عليه السلام أنّه قال : إنّكما من ريحان اللّه (2) .
وفي رواية عتبة بن غزوان : أنّه وضعهما في حجره ، وجعل يقبّل هذا مرّة وهذا مرّة ، فقال قوم : أتحبّهما يا رسول اللّه ؟
فقال صلى الله عليه و آله : ما لي لا أحبّ ريحانتي من الدنيا(3) .
وروى نحوا من ذلك راشد بن علي ، وأبو أيوب الأنصاري ، والأشعث بن قيس عن الحسين(4) عليه السلام .
قال الشريف الرضي رضى الله عنه : شبّه بالريحان ، لأنّ الولد يشمّ ويضمّ كما يشمّ الريحان ، وأصل الريحان مأخوذ من الشيء الذي يتروّح إليه ، ويتنفّس من الكرب به(5) .
ص: 48
ومن شفقته :
ما رواه صاحب الحلية بالإسناد عن منصور بن المعتمر عن أبي إبراهيم عن علقمة عن عبد اللّه ، وعن ابن عمر قال كلّ واحد منّا ! :
كنّا جلوسا عند رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، إذ مرّ به الحسن والحسين عليهماالسلام ، وهما صبيّان ، قال : هات ابني أعوّذهما بما عوّذ به إبراهيم عليه السلام ابنيه إسماعيل وإسحاق عليهماالسلام .
فقال : « أعيذكما بكلمات اللّه التامّة من كلّ عين لامّة ومن كلّ شيطان وهامة »(1) .
ابن ماجة في السنن ، وأبو نعيم في الحلية ، والسمعاني في الفضائل بالإسناد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس :
إنّ النبي صلى الله عليه و آله كان يعوّذ حسنا وحسينا ، فيقول : « أعيذكما بكلمات اللّه التامّة من كلّ شيطان وهامة ومن كلّ عين لامّة » .
ص: 49
وكان إبراهيم عليه السلام يعوّذ بها إسماعيل وإسحاق(1) عليهماالسلام .
وجاء في أكثر التفاسير : إنّ النبي صلى الله عليه و آله كان يعوّذهما بالمعوّذتين ، ولهذا سمّيت المعوّذتين(2) .
وزاد أبو سعيد الخدري في الرواية ثم يقول : هكذا كان إبراهيم عليه السلاميعوّذ
ابنيه إسماعيل وإسحاق عليهماالسلام ، وكان يتفل عليهما .
ومن كثرة عوذ النبي صلى الله عليه و آله قال ابن مسعود وغيره : أنّهما عوذتان وليستا من القرآن الكريم(3) !
ابن بطّة في الإبانة ، وأبو نعيم بن دكين ، بإسنادهما عن أبي رافع قال : رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله أذّن في أذن الحسن عليه السلام لمّا ولد ، وأذّن كذلك في أذن الحسين عليه السلام لمّا ولد(4) .
ص: 50
ابن غسان باسناده : أنّ النبي صلى الله عليه و آله عقّ الحسن والحسين عليهماالسلام شاة شاة ، وقال : كلوا وأطعموا وابعثوا إلى القابلة برجل ، يعني الربع المؤخر من الشاة(1) .
رواه ابن بطّة في الإبانة .
أحمد بن حنبل في المسند عن أبي هريرة : كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقبّل الحسن والحسين عليهماالسلام ، فقال عيينة - وفي رواية غيره : الأقرع بن حابس - : إنّ لي عشرة ما قبّلت واحدا منهم قطّ ! فقال
صلى الله عليه و آله : من لا يرحم لا يرحم(2) .
وفي رواية حفص الفراء : فغضب رسول اللّه صلى الله عليه و آله حتى التمع لونه ، وقال للرجل : إن كان قد نزع الرحمة من قبلك فما أصنع بك ، من لم يرحم صغيرنا ويعزّز كبيرنا فليس منّا(3) .
أبو يعلى الموصلي في المسند عن أبي بكر بن أبي شيبة بإسناده عن ابن مسعود ، والسمعاني في فضائل الصحابة عن أبي صالح عن أبي هريرة :
ص: 51
إنّه كان النبي صلى الله عليه و آله يصلّي ، فإذا سجد وثب الحسن والحسين عليهماالسلام على ظهره ، فإذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهم أن دعوهما ، فلمّا قضى الصلاة وضعهما في حجره ، وقال : من أحبّني فليحبّ هذين(1) .
وفي رواية الحلية : ذروهما بأبى وأمّي ، من أحبّني فليحبّ هذين(2) .
تفسير الثعلبي : قال الربيع بن خيثم لبعض من شهد قتل الحسين عليه السلام : جئتم بها معلّقيها - يعني الرؤوس - ثم قال : واللّه لقد قتلتم صفوة لو أدركهم رسول اللّه صلى الله عليه و آله لقبّل أفواههم وأجلسهم في حجره ، ثم قرأ : « اللّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالأَْرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ »(3) .
ص: 52
ومن إيثارهما على نفسه صلى الله عليه و آله :
أنّه قال : عطش المسلمون عطشا شديدا ، فجاءت فاطمة بالحسن والحسين عليهم السلام إلى النبي صلى الله عليه و آله ، فقالت :
يا رسول اللّه ، إنّهما صغيران لا يحتملان العطش ، فدعا الحسن عليه السلام فأعطاه لسانه ، فمصّه حتى ارتوى ، ثم دعا الحسين عليه السلام ، فأعطاه لسانه ، فمصّه حتى ارتوى(1) .
أبو صالح المؤذن في الأربعين ، وابن بطّة في الإبانة عن علي عليه السلام وعن الخدري ، وروى أحمد بن حنبل في مسند العشيرة ، وفضائل الصحابة عن عبد الرحمن بن الأزرق عن علي عليه السلام ، وقد روى جماعة عن أم سلمة ، وعن ميمونة ، واللفظ له عن علي عليه السلام قال :
رأينا رسول اللّه صلى الله عليه و آله قد أدخل رجله في اللحاف - أو في الشعار - فاستسقى الحسن عليه السلام ، فوثب النبي صلى الله عليه و آله إلى منيحة لنا ، فمصّ من ضرعها ، فجعله في قدح ، ثم وضعه في يد الحسن عليه السلام ، فجعل الحسين عليه السلام يثب عليه ورسول اللّه صلى الله عليه و آله يمنعه ، فقالت فاطمة عليهاالسلام : كأنّه أحبّهما إليك يا رسول اللّه !
ص: 53
قال : ما هو بأحبّهما إليّ ، ولكنّه استسقى أوّل مرّة ، وإنّي وإيّاك وهذين وهذا المنجدل يوم القيامة في مكان واحد(1) .
ابن حازم عن أبي هريرة قال : رأيت النبي صلى الله عليه و آله يمصّ لعاب الحسن والحسين عليهماالسلام كما يمصّ الرجل التمرة(2) .
ص: 54
ومن فرط محبّته لهما :
ما روى يحيى بن أبي كثير وسفيان بن عيينة بإسنادهما : أنّه سمع رسول اللّه صلى الله عليه و آله بكاء الحسن والحسين عليهماالسلام ، وهو على المنبر ، فقام فزعا ، ثم قال :
أيّها الناس ، ما الولد إلاّ فتنة ، لقد قمت إليهما وما معي عقلي .
وفي رواية : وما أعقل(1) .
الخركوشي في اللوامع وفي شرف النبي صلى الله عليه و آله أيضا، والسمعاني في الفضائل، والترمذي في الجامع ، والثعلبي في الكشف ، والواحدي في الوسيط ، وأحمد بن حنبل في الفضائل ، وروى الخلف عن عبد اللّه بن بريدة قال :
سمعت أبي يقول : كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يخطب على المنبر ، فجاء الحسن والحسين عليهماالسلام وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران ، فنزل رسول اللّه صلى الله عليه و آله من المنبر ، فحملهما ووضعهما بن يديه ، ثم قال : « إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ » إلى آخر كلامه(2) .
ص: 55
وقد ذكره أبو طالب الحارثي في قوت القلوب إلاّ أنّه تفرّد بالحسن بن علي(1) عليهماالسلام .
وفي خبر : أولادنا أكبادنا يمشون على الأرض(2) .
قال الحميري :
سبطان أمّهما الزهراء منتجبه
سادت نساء جميع العالميّات
ابنا الرسول الذي جلّت فضائله
إن عدّد الفضل عن وصف المقالات
وابنا الوصي الذي كانت ولايته
حتما من اللّه في تنزيل آيات
لولاه من ولد في بيت معلوة
تواضعت عنده كلّ البيوتات(3)
* * *
ص: 56
وقال الزاهي :
قوم لو أنّ بحار الأرض تنزف بالأقلام
مشقا وأقلام الدنا الشجر
والإنس والجنّ كتاب لفضلهم
والصحف ما احتوت الآصال والبكر(1)
لم يكتبوا العشر بل لم يعه(2) جهدهم
في ذلك الفضل إلاّ وهو محتقر
أهل الفخار وأقطار المدار ومن
أضحت لأمرهم الأيام تأتمر
هم آل أحمد والصيد الجحاجحة(3)
الزهر الغطارفة(4) العلويّة الغرر
والبيض من هاشم والأكرمون أولوا
الفضل الجزيل ومن سادت بهم مضر
فافطن بعقلك هل في القدر غيرهم
قوم يكاد إليهم يرجع القدر
ص: 57
أعطوا الصفا نهلاً أعطوا النبوة من
قبل المزاج فلم يلحق بهم كدر
وتوّجوا شرفا ما مثله شرف
وقلّدوا خطرا ما مثله خطر
حسبي بهم حججا للّه واضحة
تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا
هم دوحة المجد والأوراق شيعتهم
والمصطفى الأصل والذريّة الثمر
* * *
وقال ابن الحجاج :
وأنت ابن الذي حملته يوم
البساط بأمره الريح العقيم
ومن ردّت عليه الشمس فيهم
وقد أخذت مطالعها النجوم
بطاعتكم فروض اللّه تقضى
وحبّكم الصراط المستقيم
وقالوا شدت بنيانا عظيما
فقلت لأنّه ملك عظيم
منازل لو غدا فرعون فيها
لقبّل رجله موسى الكليم
* * *
وقال ابن حماد :
يا ابن يس وطاسين وحاميم ونونا
يا ابن من آثر مسكينا وباتوا طاويينا
* * *
ص: 58
ص: 60
معجم الطبراني بإسناده عن ابن عباس ، وأربعين المؤذن ، وتاريخ الخطيب بأسانيدهم الى جابر :
قال النبي صلى الله عليه و آله : إنّ اللّه - عزّ وجلّ - جعل ذريّة كلّ نبي من صلبه خاصّة ، وجعل ذريّتي من صلبي ومن صلب علي بن أبي طالب ، إنّ كلّ بني بنت ينسبون إلى أبيهم إلاّ أولاد فاطمة عليهاالسلام ، فإنّي أنا أبوهم(1) .
وقيل في قوله : « ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ » : إنّما نزل في نفي التبنّي لزيد بن حارثة .
وأراد بقوله : « مِنْ رِجالِكُمْ » البالغين في وقتكم ، والإجماع على أنّهما لم يكونا بالغين فيه(2) .
الإحياء عن الغزالي ، والفردوس عن الديلمي ، قال المقداد بن معدي كرب :
ص: 61
قال النبي صلى الله عليه و آله : حسن منّي وحسين من علي(1)(2) عليه السلام !! .
وقال صلى الله عليه و آله : هما وديعتي في أمّتي(3) .
ومن ملاعبته صلى الله عليه و آله معهما :
ما رواه ابن بطّة في الإبانة من أربعة طرق عن سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر قال :
دخلت على النبي صلى الله عليه و آله والحسن والحسين عليهماالسلام على ظهره ، وهو يجثو بهما ، ويقول : نعم الجمل جملكما ، ونعم العدلان أنتما(4) .
ابن نجيح : كان الحسن والحسين عليهماالسلام يركبان ظهر النبي صلى الله عليه و آله ويقولان : « حل حل » ، ويقول : نعم الجمل جملكما .
السمعاني في الفضائل عن أسلم مولي عمر عن عمر بن الخطاب
ص: 62
قال : رأيت الحسن والحسين عليهماالسلام على عاتقي رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقلت : نعم الفرس لكما ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : ونعم الفارسان هما(1) .
ابن حماد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه و آله برك للحسن والحسين عليهماالسلام ، فحملهما وخالف بين أيديهما وأرجلهما ، وقال : نعم الجمل جملكما .
الخركوشي في شرف النبي صلى الله عليه و آله عن عبد العزيز بإسناده عن النبي صلى الله عليه و آله : أنّه كان جالسا فأقبل الحسن والحسين عليهماالسلام ، فلمّا رآهما النبي صلى الله عليه و آله قام لهما واستبطأ بلوغهما إليه ، فاستقبلهما وحملهما على كتفيه ، وقال : نعم المطيّ مطيّكما ، ونعم الراكبان أنتما ، وأبوكما خير منكما(2) .
تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفين عن عبد اللّه بن موسى عن سفين عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود قال :
حمل رسول اللّه صلى الله عليه و آله الحسن والحسين عليهماالسلام على ظهره ، الحسن عليه السلامعلى أضلاعه اليمنى ، والحسين عليه السلام على أضلاعه اليسرى ، ثم مشى وقال : نعم المطيّ مطيّكما ، ونعم الراكبان أنتما ، وأبوكما خير منكما(3) .
قال الحميري :
من ذا الذي حمل النبي برأفة
ابنيه حتى جاوز الغمضاء(4)
ص: 63
من قال نعم الراكبان هما ولميكن الذي قد كان منه خفاء(1)
* * *
وله أيضا :
أتى حسنا والحسين الرسول
وقد خرجا ضحوة يلعبان
فضمّهما ثم فدّاهما
وكانا لديه بذاك المكان
ومرّر تحتهما منكباه
فنعم المطيّة والراكبان
وليدان أمّهما برّة
حصان مطهّرة للحصان
وشيخهما ابن أبي طالب
فنعم الوليدان والولدان
وكلّهم طيب طاهر
كريم الشمائل طلق البيان
* * *
وقال المفجع :
أفهل تعرفون غير علي
وابنه استرحل النبي المطيّا
* * *
وروي أنّ النبي صلى الله عليه و آله ترك لهما ذؤابتين في وسط الرأس(2) .
مزرد ، قال : سمعت أبا هريرة يقول : سمع أذناي هاتان ، وبصر عيناي هاتان رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو آخذ بيده جميعا بكتفي الحسن والحسين عليهماالسلام
ص: 64
وقدماهما على قدم رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ويقول : ترقّ عين بقّة .
قال : فرقى الغلام حتى وضع قدميه على صدر رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ثم قال له : افتح فاك ، ثم قبّله ، ثم قال : اللّهم أحبّه فإنّي أحبّه(1) .
كتاب ابن البيع ، وابن مهدي ، والزمخشري ، قال : « حزقه حزقه ترقّ عين بقّه ، اللّهم إنّي أحبّه فأحبّه وأحبّ من يحبّه » .
الحزقة(2) : القصير الصغير الخطا ، وعين بقّة : أصغر عين .
وقال : أراد بالبقّة فاطمة عليهاالسلام ، فقال للحسين عليه السلام : يا قرّة عين بقّة ترق(3) .
وكانت فاطمة عليهاالسلام ترقّص ! ابنها حسنا عليه السلام وتقول :
أشبه أباك يا حسن
واخلع عن الحقّ الرسن
واعبد إلها ذا منن
ولا توال ذا الإحن
* * *
وقالت للحسين عليه السلام :
أنت شبيه بأبي
لست شبيها بعلي
* * *
ص: 65
وفي مسند الموصلي أنّه كان يقول أبو بكر للحسن عليه السلام :
أنت شبيه بالنبي
لست شبيها بعلي
* * *
وعلي عليه السلام يتبسّم(1) .
وكانت أم سلمة تربّي الحسن عليه السلام وتقول :
بأبي يا بن علي
أنت بالخير ملي
كن كأسنان خلي
كن ككبش الخولي
* * *
وكانت أم فضل امرأة العباس تربّي الحسين عليه السلام وتقول :
يا ابن رسول اللّه
يا ابن كثير الجاه
فرد بلا أشباه
أعاذه إلهي
من أمم الدواهي
ص: 66
الصادق
عليه السلام كان نقش خاتم أبي عليه السلام :
ظنّي باللّه حسن
وبالنبي المؤتمن
وبالوصيّ ذي المنن
وبالحسين والحسن(1)
* * *
وقال شاعر :
أربعة مذهبة
لكلّ همّ وحزن
حبّ النبي والوصيّ
والحسين والحسن
* * *
وقال السيّد الحميري :
وليّنا بعد نبيّ الهدى
علي القائم وابناه(2)
* * *
ص: 67
ص: 68
ص: 69
ص: 70
أحمد بن حنبل في المسند ، وابن بطّة في الإبانة ، والنطنزي في الخصائص ، والخركوشي في شرف النبي صلى الله عليه و آله واللّفظ له .
وروى جماعة عن أبي صالح عن أبي هريرة ، وعن صفوان بن يحيى ، وعن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام ، وعن علي بن موسى الرضا عليهماالسلام ، وعن أمير المؤمنين عليه السلام :
إنّ الحسن والحسين عليهماالسلام كانا يلعبان عند النبي صلى الله عليه و آله حتى مضى عامّة الليل ، ثم قال لهما : انصرفا إلى أمّكما ، فبرقت برقة فما زالت تضيء لهما حتى دخلا على فاطمة عليهاالسلام ، والنبي صلى الله عليه و آله ينظر إلى البرقة ، وقال : الحمد اللّه
الذي أكرمنا أهل البيت(1) .
وقد رواه السمعاني ، وأبو السعادات في قضاياهما عن أبي جحيفة ، إلاّ أنّهما تفردّا في حقّ الحسين عليه السلام .
ص: 71
قال الحميري :
من ذا مشى مع لمع برق ساطع
إذ راح من عند النبي عشاء(1)
* * *
وسمع أبو حباب الكلبي من نوح الجنّ على الحسين عليه السلام :
مسح النبيّ جبينه
فله بريق في الخدود
أبواه من عليا قريش
جدّه خير الجدود(2)
* * *
وفي حديث عفيف الكندي أنّه قال الفارس له : إذا رأيت في داره حمامة يطير معها فرخاها ، فاعلم أنّه ولد له ، يعني عليا عليه السلام .
ثم قال بعد كلام : بلغني بعد برهة ظهور النبي صلى الله عليه و آله ، فأسلمت فكنت أرى الحمامة في دار علي عليه السلام تفرّخ من غير وكر ، وإذا رأيت الحسن والحسين عليهماالسلام عند رسول اللّه صلى الله عليه و آله ذكرت قول الفارس .
ص: 72
وفي رواية بسطام عنه في حديث طويل : فلمّا قتل علي عليه السلام ذهبت فما رأيت .
وفي رواية أبي عقيل : رأيت في منزل علي عليه السلام بعد موته طيران يطيران .
فلمّا مات الحسن عليه السلام غاب أحدهما ، فلمّا قتل الحسين عليه السلام غاب الآخر .
الكشف والبيان عن الثعلبي بالإسناد عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهم السلام
قال : مرض النبي صلى الله عليه و آله فأتاه جبرئيل عليه السلام بطبق فيه رمان وعنب ، فأكل النبي صلى الله عليه و آله منه فسبّح .
ثم دخل عليه الحسن والحسين عليهماالسلام فتناولا منه فسبّح الرمان والعنب .
ثم دخل علي عليه السلام فتناول منه فسبّح أيضا .
ثم دخل رجل من أصحابه فأكل فلم يسبّح ، فقال جبرئيل عليه السلام : إنّما يأكل هذا نبيّ أو وصيّ أو ولد نبيّ(1) .
أبو عبد اللّه المفيد النيسابوري في أماليه : قال الرضا عليه السلام : عري الحسن والحسين عليهماالسلام وأدركهما العيد ، فقالا لأمّهما عليهاالسلام : قد زيّنوا صبيان المدينة إلاّ
نحن ، فما لك لا تزيّنينا ؟ فقالت : ثيابكما عند الخيّاط ، فإذا أتاني زيّنتكما .
ص: 73
فلمّا كانت ليلة العيد أعادا القول على أمّهما ، فبكت ورحمتهما ، فقالت لهما : ما قالت في الأولى فردّا عليها .
فلمّا أخذ الظلام قرع الباب قارع ، فقالت فاطمة عليهاالسلام : من هذا ؟ قال : يا بنت رسول اللّه ، أنا الخيّاط جئت بالثياب .
ففتحت الباب ، فإذا رجل ومعه من لباس العيد ، قالت فاطمة عليهاالسلام : واللّه لم أر رجلاً أهيب شيمة منه ، فناولها منديلاً مشدودا ، ثم انصرف .
فدخلت فاطمة عليهاالسلام ففتحت المنديل ، فإذا فيه قميصان ودراعتان وسروالان ورداءان وعمامتان وخفان أسودان معقبان بحمرة ، فأيقظتهما وألبستهما .
ودخل رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وهما مزيّنان ، فحملهما وقبّلهما ، ثم قال : رأيت الخيّاط ؟ قالت : نعم يا رسول اللّه ، والذي أنفذته من الثياب ، قال : يا بنيّة ، ما هو خيّاط ، إنّما هو رضوان خازن الجنّة ، قالت فاطمة عليهاالسلام : فمن أخبرك يا رسول اللّه ؟ قال : ما عرج حتى جاءني وأخبرني بذلك .
الحسن البصري وأمّ سلمة : أنّ الحسن والحسين عليهماالسلام دخلا على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وبين يديه جبرئيل عليه السلام ، فجعلا يدوران حوله يشبّهانه بدحية
الكلبي ، فجعل جبرئيل عليه السلام يوميء بيده كالمتناول شيئا ، فإذا في يده تفاحة وسفرجلة ورمانة ، فناولهما وتهلل وجهاهما ، وسعيا إلى جدّهما ، فأخذ منهما فشمّهما ، ثم قال : صيرا إلى أمّكما بما معكما ، وابدءا بأبيكما .
ص: 74
فصارا كما أمرهما ، فلم يأكلوا حتى صار النبي صلى الله عليه و آله إليهم ، فأكلوا جميعا ، فلم يزل كلّما أكل منه عاد إلى ما كان حتى قبض رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
قال الحسين عليه السلام : فلم يلحقه التغيير والنقصان أيام فاطمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله حتى توفيت .
فلمّا توفيت عليهاالسلام فقدنا الرمان ، وبقى التفاح والسفرجل أيام أبي .
فلمّا استشهد أمير المؤمنين عليه السلام فقد السفرجل ، وبقي التفّاح على هيئته عند الحسن عليه السلام حتى مات في سمّه .
وبقيت التفّاحة إلى الوقت الذي حوصرت عن الماء ، فكنت أشمّها إذا عطشت ، فيسكن لهب عطشي ، فلمّا اشتدّ عليّ العطش عضضتها وأيقنت بالفناء .
قال علي بن الحسين عليه السلام : سمعته يقول ذلك قبل مقتله بساعة .
فلمّا قضى نحبه وجد ريحها في مصرعه ، فالتمست ولم ير لها أثر ، فبقي ريحها بعد الحسين عليه السلام ، ولقد زرت قبره فوجدت ريحها تفوح من قبره ، فمن أراد ذلك من شيعتنا الزائرين للقبر ، فليلتمس ذلك في أوقات السحر ، فإنّه يجده إذا كان مخلصا(1) .
أمالي أبى الفتح الحفار ، وابن عباس ، وأبو رافع : كنّا جلوسا مع النبي صلى الله عليه و آله إذ هبط عليه جبرئيل عليه السلام ، ومعه جام من البلور الأحمر مملوءا
ص: 75
مسكا وعنبرا ، فقال له : السلام عليك ، اللّه يقرأ عليك السلام ، ويحييك بهذه التحيّة ، ويأمرك أن تحيي بها عليا وولديه عليهم السلام .
فلمّا صارت في كفّ النبي صلى الله عليه و آله هلّلت وكبّرت ثلاثا ، ثم قالت بلسان ذرب : « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى »
فاشتمّها النبي صلى الله عليه و آله ، ثم حيّى بها عليا عليه السلام .
فلمّا صارت في كفّ علي عليه السلام قالت : « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ » الآية ، فاشتمّها علي عليه السلام وحيّى بها الحسن عليه السلام .
فلمّا صارت في كفّ الحسن عليه السلام قالت « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ » الآية ، فاشتمّها الحسن عليه السلام وحيّى بها الحسين عليه السلام .
فلمّا صارت في كفّ الحسين عليه السلام قالت : « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ »
« قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى » .
ثم ردّت إلى النبي صلى الله عليه و آله فقالت : « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » « اللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأَْرْضِ » فلم أدر على السماء صعدت أم في الأرض نزلت بقدرة اللّه تعالى(1) .
قال الوراق القمّي :
علي به كابت قريش وإنّما
بكفّ علي سبّح الجام فاعلم
* * *
ص: 76
كتاب المعالم : أنّ ملكا نزل من السماء على صفة الطير ، فقعد على يد النبي صلى الله عليه و آله فسلّم عليه بالنبوّة ، وعلى يد علي عليه السلام فسلّم عليه بالوصيّة ، وعلى يد الحسن والحسين عليهماالسلام فسلّم عليهما بالخلافة .
فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : لم لم تقعد على يد فلان ؟!
فقال : أنا لا أقعد في أرض عصي عليها اللّه ، فكيف أقعد على يد عصت اللّه .
أربعين المؤذن، وإبانة العكبري، وخصائص النطنزي، قال ابن عمر: كان للحسن والحسين عليهماالسلام تعويذان حشوهما من زغب جناح جبرئيل(1) عليه السلام .
وفي رواية : فيهما من جناح جبرئيل عليه السلام .
وعن أم عثمان - أم ولد لعلي عليه السلام - قالت : كان لآل محمد صلى الله عليه و آله وسادة لا يجلس عليها إلاّ جبرئيل عليه السلام ، فإذا قام عنها طويت ، فكان إذا قام انتفض من زغبه ، فتلقطه فاطمة عليهاالسلام فتجعله في تمائم الحسن والحسين(2) عليهماالسلام .
قال الحماني :
يا ابن من بيته من الدين والإ
سلام بين المقام والمنبرين
لك خير البيتين من مسجدي
جدّك والمنشأين والمسكنين
ص: 77
والمساعي من لدن جدّك إسما
عيل حتى أدرجت في الريطتين(1)
حين نيطت بك التمائم ذاتالريش من جبرئيل في المنكبين
* * *
أبو هريرة ، وابن عباس ، والحارث الهمداني ، وأبو ذر ، والصادق عليه السلام : أنّه اصطرع الحسن والحسين عليهماالسلام بين يدي رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال : إيه حسن خذ حسينا. فقالت فاطمة عليهاالسلام: يا رسول اللّه، أتستنهض الكبير على الصغير!
فقال : هذا جبرئيل عليه السلام يقول للحسين عليه السلام : إيها حسين خذ حسنا(2) .
أورده السمعاني في فضائله .
قال الحميري :
قال بينا النبي وابناه والبرّة
والروح ثالث في قرار
إذ دعا شبر شبيرا فقام
الطهر للطاهرات والأطهار
لصراع فقال أحمد إيه
حسن شدّ شدّة المغوار
قالت البرّة البتولة لمّا
سمعت قوله بإنكار
أتجري الكبير والناس طرّا
يقصدون الصغار دون الكبار
قال إن كنت فاعلاً إنّ من
يكنف هذا عن الورى متوار
إنّ جبريل قائل مثل قولي
لفتى المجد والندى والوقار
ص: 78
ص: 79
ص: 80
مقاتل بن مقاتل عن مرازم عن موسى بن جعفر عليه السلام في قوله تعالى : « وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ » قال : الحسن والحسين عليهماالسلام ، « وَطُورِ سِينِينَ » قال : علي بن أبي طالب عليهماالسلام ، « وَهذَا الْبَلَدِ الأَْمِينِ » قال : محمد صلى الله عليه و آله ، « لَقَدْ خَلَقْنَا الإِْنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ » قال : الأوّل « ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ »
ببغضه أمير المؤمنين عليه السلام ، « إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ » علي بن أبي طالب عليهماالسلام « فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ » يا محمد[ يعني ب-]-ولاية علي بن أبي طالب(1) عليهماالسلام .
واجتمع أهل القبلة على أنّ النبي صلى الله عليه و آله قال : الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا(2) .
ص: 81
واجتمعوا أيضا أنّه صلى الله عليه و آله قال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة .
حدّثني بذلك ابن كادش العكبري عن أبي طالب الحربي العشاري عن ابن شاهين المروزي فيما قرب سنده قال : حدّثنا محمد بن الحسين بن حميد ، قال : حدّثنا إبراهيم بن محمد العامري قال : حدّثنا نعيم بن سالم بن قنبر قال : سمعت أنس بن مالك يقول : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول . . الخبر .
ورواه أحمد بن حنبل في الفضائل والمسند .
والترمذي في الجامع .
وابن ماجة في السنن .
وابن بطّة في الإبانة .
والخطيب في التاريخ .
والموصلي في المسند .
والواعظ في شرف المصطفى صلى الله عليه و آله .
والسمعاني في الفضائل .
وأبو نعيم في الحلية من ثلاثة طرق .
وابن حبيش التميمي عن الأعمش(1) .
ص: 82
وروى الدارقطني بالإسناد عن ابن عمر قال : قال صلى الله عليه و آله : ابناي هذان سيدا شباب أهل الجنّة ، وأبوهما خير منهما(1) .
ورواه الخدري .
وابن مسعود .
وجابر الأنصاري .
وأبو جحيفة .
وأبو هريرة .
وعمر بن الخطاب .
وحذيفة .
و عبد اللّه بن عمر .
ص: 83
وأمّ سلمة .
ومسلم بن يسار .
والزبرقان بن أظلم الحميري .
ورواه الأعمش عن إبراهيم عن علقمة بن عبد اللّه .
وفي حلية الأولياء ، واعتقاد أهل السنّة ، ومسند الأنصاري عن أحمد بالإسناد عن حذيفة قال النبي صلى الله عليه و آله في خبر :
أما رأيت العارض الذي عرض لي ؟ قلت : بلى .
قال : ذاك ملك لم يهبط إلى الأرض قبل الساعة ، فاستأذن اللّه - تعالى - أن يسلّم عليّ ، ويبشّرني أنّ الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة ، وأنّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة(1) .
سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن قوله صلى الله عليه و آله : الحسن والحسين سيدا شباب أهل
الجنّة ، فقال : هما - واللّه - سيدا شباب أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين(2) .
والمشهور عن النبي صلى الله عليه و آله أنّه قال : أهل الجنّة شباب كلّهم(3) .
قوله صلى الله عليه و آله : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة وأبوهما خير منهما ،
ص: 84
يوافق قولنا « موجب الإمامة لهما في الدنيا والسيادة في العقبى » ، لاجتماعهما في ألف وثمانمائة وإحدى وعشرين .
قال الحماني الكوفي :
أنتما سيدا شباب جنان ال-
-خلد يوم الفوزين والروعتين
يا عديل القرآن من بين ذي الخل-
-ق ويا واحدا من الثقلين
أنتما والقرآن في الأرض مذ
أنزل مثل السماء والفرقدين
قمتما من خلافة اللّه في الأرض
بحقّ مقام مستخلفين
قاله الصادق الحديث ولن
يفترقا دون حوضه واردين
* * *
وقال العوني :
وقد شهدتم له بالسيّدين لمن
في جنّة الخلد أحظى الخلق أزلفه
وأنّه منهما خير وليس على
هذا مزيد فنلقيه ونحرفه
لأنّ سكان دار الخلد سادة من
فوق التراب وأزكى الخلق أشرفه
والسيّدان لسادات الخلائق
كالعيّوق في قبّة الخضراء مرجفه
ومن علا سيّدي ساداتنا شرفا
فهل يكنفه فضلاً يكنفه
* * *
وله أيضا :
ومن له سبطان سيّدان
شهمان قرمان مهذّبان
بحراهما بحران زاخران
وما هما بحران يبغيان
بل منهما معرفة الديّان
أمّهما سيّدة النسوان
ص: 85
ومن كثرة فضلهما ومحبّة النبي صلى الله عليه و آله إيّاهما : أنّه جعل نوافل المغرب - وهي أربع ركعات - كلّ ركعتين منهما عند ولادة كلّ واحد منهما(1) .
سليمان بن أحمد الطبراني ، والقاضي أبو الحسن الجراحي ، وأبو الفتح الحفار ، والكياشيرويه ، والقاضي النطنزي بأسانيدهم عن عقبة عن عامر الجهني ، وأبي دجانة ، وزيد بن علي عن النبي صلى الله عليه و آله قال :
الحسن والحسين شنفا العرش(2) - وفي رواية : وليسا بمعلّقين - وأنّ الجنّة قالت : يا ربّ أسكنتني الضعفاء والمساكين ، فقال اللّه تعالى : ألا ترضين أنّي زيّنت أركانك بالحسن والحسين ، فماست كما تميس العروس فرحا(3) .
وفي خبر عنه صلى الله عليه و آله : إذا كان يوم القيامة زيّن عرش الرحمن بكلّ زينة ، ثم يؤتى بمنبرين من نور - طولهما مائة ميل - فيوضع أحدهما عن يمين العرش ، والآخر عن يسار العرش ، ثم يأتي الحسن والحسين عليهماالسلام يزيّن
ص: 86
الربّ - تبارك وتعالى - بهما عرشه ، كما تزيّن المرأة قرطاها(1) .
وفي رواية أبي لهيعة المصري قال : سألت الجنّة ربّها أن يزيّن ركنا من أركانها ، فأوحى اللّه - تعالى - إليها : إنّي قد زيّنتك بالحسن والحسين عليهماالسلام ، فزادت الجنّة سرورا بذلك(2) .
قال الصاحب :
ولداه شنفا العرش فقل
حبّذا العرش وحبّذا(3) شنفاه
* * *
وقال ابن حماد :
تفاحتا الهادي وقرطا
العرش عرش الواحد المتمجّد
* * *
وقال أبو العلاء :
جاز النبي وسبطاه وزوجته
مكان ما أفنت الأقلام والصحفا
والفخر لو كان فيهم صورة جسدا
عادت فضائلهم في أذنه شنفا
* * *
وقال ابن علوية :
وابناه عقد قوي الجنان عليهما
فهما لدار مقامه ركنان
ص: 87
وهما معا لو يعلمون لعرشه
دون الملائك كلّهم شنفان
والدرّ والمرجان قد نحلاهما
مثلاً من البحرين يلتقيان
* * *
كتاب السؤود بالإسناد عن سفيان بن سليم ، والإبانة عن العكبري بالإسناد عن زينب بنت أبي رافع : إنّ فاطمة عليهاالسلام أتت بابنيها الحسن والحسين عليهماالسلام إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقالت : انحل ابنيّ هذين يا رسول اللّه - وفي رواية : هذان ابناك فورثهما شيئا - فقال : أمّا الحسن فله هيبتي وسؤددي ، وأمّا الحسين فله جرأتي وجودي(1) .
وفي كتاب آخر : أنّ فاطمة عليهاالسلام قالت : رضيت يا رسول اللّه .
فلذلك كان الحسن عليه السلام حليما مهيبا ، والحسين عليه السلام نجدا جوادا(2)(3) .
ص: 88
الإرشاد ، والروضة ، والاعلام ، وشرف المصطفى صلى الله عليه و آله ، وجامع الترمذي ، وإبانة العكبري من ثمانية طرق رواه أنس وأبو جحيفة :
إنّ الحسين عليه السلام كان يشبه النبي صلى الله عليه و آله من صدره إلى رأسه ، والحسن عليه السلام يشبه به من صدره إلى رجليه(1)(2) .
مسند أحمد بالإسناد عن هاني بن هاني عن علي عليه السلام قال : لمّا ولد الحسن عليه السلام جاء النبي صلى الله عليه و آله فقال : أروني ابني ، ما سمّيتموه ؟ قلت : سمّيته حربا !! قال : بل هو حسن .
فلمّا ولد الحسين عليه السلام جاء النبي صلى الله عليه و آله فقال : أروني ابني ، ما سمّيتموه ؟ قلت : سمّيته حربا(3) !
ص: 89
قال : بل هو حسين(1) .
مسندا أحمد وأبي يعلى قال : لمّا ولد الحسن عليه السلام سمّاه حمزة ، فلمّا ولد الحسين عليه السلام سمّاه جعفرا .
قال علي عليه السلام : فدعاني رسول اللّه صلى الله عليه و آله فقال : إنّي أمرت أن أغيّر اسم
هذين ، فقلت : اللّه ورسوله أعلم ، فسمّاهما حسنا وحسينا(2) .
وقد روينا نحو هذا عن ابن عقيل(3) .
محمد بن علي عن أبيه عليهماالسلام قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أمرت أن اسمّي ابني هذين حسنا وحسينا(4) .
شرح الأخبار قال الصادق عليه السلام : لمّا ولد الحسن بن علي عليهماالسلام أهدى جبرئيل عليه السلام إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله اسمه في سرقة من حرير من ثياب الجنّة
فيها « حسن » ، واشتق منها اسم الحسين عليه السلام .
فلمّا ولدت فاطمة الحسن عليهماالسلام أتت به رسول اللّه صلى الله عليه و آله فسمّاه حسنا .
فلمّا ولدت الحسين عليه السلام أتته به ، فقال : هذا أحسن من ذلك ، فسمّاه الحسين .
قوله : سرقة ، أي أحسن الحرير(5) .
ص: 90
ابن بطّة في الإبانة من أربع طرق منها : أبو الخليل عن سلمان ، قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : سمّى هارون ابنيه شبرا وشبيرا ، وإنّي سمّيت ابني الحسن والحسين(1) .
مسند أحمد ، وتاريخ البلاذري ، وكتب الشيعة : أنّه صلى الله عليه و آله قال : إنّما سمّيتهم بأسماء أولاد هارون شبرا وشبيرا(2) .
فردوس الديلمي عن سلمان قال النبي صلى الله عليه و آله : سمّى هارون ابنيه شبرا وشبيرا ، وإنّي سمّيت ابني الحسين والحسين بما سمّى هارون ابنيه(3) .
عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال : قدم راهب على قعود له ، فقال : دلّوني على منزل فاطمة عليهاالسلام .
قال : فدلّوه عليها ، فقال لها : يا بنت رسول اللّه ، أخرجي إليّ ابنيك ، فأخرجت إليه الحسن والحسين عليهماالسلام ، فجعل يقبّلهما ويبكي ، ويقول : اسمها في التوراة « شبر وشبير » ، وفي الإنجيل « طاب وطيب » .
ثم سأل عن صفة النبي صلى الله عليه و آله ، فلمّا ذكروه قال : أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأشهد أنّ محمدا رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
ص: 91
قال ابن الحجاج :
طوّلي أو فقصّري
واعذليني أو اعذري
أنا مولى لحيدر
وشبير وشبر
* * *
عمران بن سلمان ، وعمرو بن ثابت قالا : الحسن والحسين اسمان من أسامي أهل الجنّة ، ولم يكونا في الدنيا(1) .
جابر : قال النبي صلى الله عليه و آله : سمّي الحسن حسنا ، لأنّ باحسان اللّه قامت السماوات والأرضون ، واشتق الحسين من الإحسان ، وعلي والحسن اسمان من أسماء اللّه تعالى ، والحسين تصغير الحسن(2) .
وحكى أبو الحسين النسابة : كان اللّه - عزّ وجلّ - حجب هذين الاسمين عن الخلق ، يعني حسنا وحسينا ، حتى يسمّى بهما ابنا فاطمة عليهاالسلام ، فإنّه لا يعرف أنّ أحدا من العرب يسمّى بهما في قديم الأيام إلى عصرهما ، لا من ولد نزار ، ولا اليمن مع سعة أفخاذهما وكثرة ما فيهما من الأسامي ، وإنّما يعرف فيهما « حسْن » بسكون السين ، و« حسَين » بفتح الحاء وكسر
ص: 92
السين على مثال حبيب ، فأمّا « حَسَن » بفتح الحاء والسين ، فلا نعرفه إلاّ اسم جبل معروف(1) .
قال الشاعر :
لام الأرض وبل ما أجنت
بحيث أضرّ بالحسن السبيل(2)
* * *
سئل أبو عمه - غلام ثعلب - عن معنى قول أمير المؤمنين عليه السلام : لقد وطي الحسنان وشقّ عطفاي ، فقال : الحسنان الإبهامان ، وأحدهما حسن .
قال الشنفري :
مهضومة الكشحين درماء الحسن
جماء ملساء بكفيها شثن
* * *
شقّ عطفاي : أي ذيلي .
ص: 93
الصادق عليه السلام : لم يكن بين الحسن والحسين عليهماالسلام إلاّ طهر واحد(1) .
ويقال : الحسن والحسين عليهماالسلام هما الطيبان الطاهران خالان ، والكريمتان الحصانان خالتان ، والنبي صلى الله عليه و آله وأبو طالب عليه السلام جدّان ، وخديجة وفاطمة بنت أسد عليهماالسلام جدّتان ، والطيار وعقيل عليهماالسلام عمّان ، وفاطمة وعلي عليهماالسلام أبوان .
قال ابن العودي :
أبوهم أمير المؤمنين وجدّهم
أبو القاسم الهادي النبي المكرّم
وهذا إذا عدّ المناسب في الورى
هو الصهر والطهر النبي له حم
وخالهم إبراهيم والأمّ فاطم
وعمّهم الطيّار في الخلد ينعم
* * *
ص: 94
وقال الأعمش : الحسن والحسين عليهماالسلام ، من الثقلين شمسي ضحى ، وبدري دجى ، وكهفي تقى ، وعيني ورى ، وليثي وغى ، وسيفي اما ، ورمحي لوا .
وقال واعظ : وصلّ على السيّدين ، السندين ، الشهيدين ، الرشيدين ، المفقودين ، المرحومين ، المعصومين ، المظلومين ، المقتولين ، الغريبين ، الإمامين ، العالمين ، العلمين ، الشمسين ، القمرين ، الدرّتين ، الفرقدين ، النورين ، الريحانتين ، الهاديين ، المهديّين ، الطاهرين ، المطهّرين ، الطيّبين ، الأشرفين ، الأكرمين ، الأجودين ، الحسن والحسين عليهماالسلام .
وقال الصنوبري :
وآخى حبيبي حبيب اللّه لا كذب
وابناه للمصطفى المستخلص ابنان
صلّى إلى القبلتين المقتدى بهما
والناس عن ذاك في صمّ وعميان
ما مثل زوجته أخرى يقاس بها
ولا يقاس على سبطين سبطان
* * *
ص: 95
ص: 96
ص: 97
ص: 98
إبراهيم الرافعي عن أبيه عن جدّه قال : رأيت الحسن والحسين عليهماالسلام يمشيان إلى الحجّ ، فلم يمرّا براكب إلاّ نزل يمشي ، فثقل ذلك على بعضهم .
فقال سعد بن أبي وقاص للحسن عليه السلام : يا أبا محمد ، إنّ المشي قد ثقل على جماعة ممّن معك من الناس ، إذا رأوكما تمشيان لم تطب أنفسهم أن يركبوا ، فلم ما ركبتما ؟
فقال الحسن عليه السلام : لا نركب ، قد جعلنا على أنفسنا المشي إلى بيت اللّه الحرام على أقدامنا ، ولكنّا نتنكّب عن الطريق ، فأخذا جانبا من الناس(1) .
استفتى أعرابي عبد اللّه بن الزبير وعمرو بن عثمان فتواكلا ، فقال : اتقيا اللّه ، فإنّي أتيتكما مسترشدا ، أمواكلة في الدين ! فأشارا عليه بالحسن والحسين عليهماالسلام ، فأفتياه ، فأنشأ أبياتا منها :
جعل اللّه حرّ وجهيكما
نعلين سبتا يطاهما الحسنان
* * *
ص: 99
إسماعيل بن يزيد بإسناده عن محمد بن علي عليهماالسلام أنّه قال : أذنب رجل ذنبا في حياة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فتغيّب حتى وجد الحسن والحسين عليهماالسلام في طريق خالٍ ، فأخذهما فاحتملهما على عاتقيه ، وأتى بهما النبي صلى الله عليه و آله ، فقال : يا رسول اللّه ، إنّي مستجير باللّه وبهما .
فضحك رسول اللّه صلى الله عليه و آله حتى ردّ يده إلى فمه ، ثم قال للرجل : اذهب وأنت طليق ، وقال للحسن والحسين عليهماالسلام : قد شفعتكما فيه أي فتيان .
فأنزل اللّه تعالى : « وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوّابا رَحِيما »(1) .
أخبار الليث بن سعد بإسناده : أنّ رجلاً نذر أن يدهن بقارورة عنده رجلي أفضل قريش ، فسأل عن ذلك ، فقيل : إنّ مخرمة أعلم الناس اليوم بأنساب قريش ، فاسأله عن ذلك .
فأتاه وسأله - وقد خرف - وعنده ابنه المسور ، فمدّ الشيخ رجليه وقال : ادهنهما ، فقال المسور ابنه للرجل : لا تفعل أيّها الرجل ، فإنّ الشيخ قد خرف ، وإنّما ذهب إلى ما كان في الجاهلية ، وأرسله إلى الحسن والحسين عليهماالسلام وقال : ادهن بها أرجلهما ، فهما أفضل الناس وأكرمهم اليوم(2) .
ص: 100
وفي حديث مدرك بن أبي زياد : قلت لابن عباس ، وقد أمسك للحسن والحسين عليهماالسلام بالركاب وسوّى عليهما : أنت أسنّ منهما تمسك لهما بالركاب !
فقال : يا لكع ، وما تدري من هذان ؟ هذان ابنا رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، أوليس ممّا أنعم اللّه به عليّ أن أمسك لهما وأسوّي عليهما(1) .
عيون المجالس عن الرؤياني : أنّ الحسن والحسين عليهماالسلام مرّا على شيخ يتوضّأ ولا يحسن ، فأخذا بالتنازع ، يقول كلّ واحد منهما : أنت لا تحسن الوضوء ، فقالا : أيّها الشيخ كن حكما بيننا ، يتوضّأ كلّ واحد منّا سوّية ، ثم قالا : أيّنا يحسن ؟
قال : كلاكما تحسنان الوضوء ، ولكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لم يكن يحسن ، وقد تعلّم الآن منكما ، وتاب على يديكما ببركتكما وشفقتكما على أمّة جدّكما .
الباقر عليه السلام قال : ما تكلّم الحسين عليهماالسلام بين يدي الحسن عليه السلام إعظاما له ، ولا تكلّم محمد بن الحنفية بين يدي الحسين عليه السلام إعظاما له .
ص: 101
وقالوا قيل لأيوب : « نِعْمَ الْعَبْدُ » ، وللحسن والحسين عليهماالسلام : نعم المطيّة مطيّتكما ، ونعم الراكبان أنتما .
وقال : « وَإِنْ لَمْ تُؤمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ » ، وقال الحسين عليه السلام : إن لم تصدّقوني فاعتزلوني ولا تقتلوني .
اسم علي عليه السلام ثلاثة أحرف ، واسم فاطمة عليهاالسلام خمسة أحرف ، تكون الجملة ثمانية ، وأبواب الجنّة ثمانية .
واسم الحسن عليه السلام ثلاثة أحرف ، واسم الحسين عليه السلام أربعة أحرف تكون الجملة سبعة أحرف ، وأبواب جهنم سبعة .
من أحبّ عليا وفاطمة عليهماالسلام فتح عليه ثمانية أبواب الجنّة .
ومن أحبّ الحسن والحسين عليهماالسلام أغلقت عنه سبعة أبواب جهنم .
و« محمد » « علي » « فاطمة » « حسن » « حسين » تسعة عشر حرفا ، فمن أحبّهم وقي شرّ الزبانية التسعة عشر .
« بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » يوازي أسماء هؤلاء الخمسة .
وقال محاسب كمال الدين :
بعلي وابنيه استويا
في مائة وستّ وثمانين
* * *
ص: 102
وقال أبي الحجاج :
وبالنبي المصطفى اقتدي
والعترة الطيّبة الطاهره
بالأنجم الزهر نجوم الهدى
وبالبحور الجملة الزاخره
* * *
وقال أبو مقاتل :
محمد المختار ثم صنوه
والحسنان ولدا ستّ النساء
* * *
وقال المنذر :
أبا حسن أنت شمس النهار
وهذان في الداجيات القمر
وأنت وهذان حتى الممات
بمنزلة السمع بعد البصر
* * *
وقال ابن دريد :
إنّ النبي محمد ووصيّه
وابنيه وابنته البتول الطاهره
أهل العباء فإنّني بولائهم
أرجو السلامة والنجا في الآخره
وأرى محبّة من قول بفضلهم
سببا يجير من السبيل الحايره
أرجو بذاك رضى المهيمن وحده
يوم الوقوف على ظهور الساهره
* * *
وقال العوني :
ألست ترى جبريل وهو مقرّب
له في العلى من راحة القصد موقف
ص: 103
يقول لهم يوم العبا أنا منكم
فمن مثل أهل البيت إن كنت تنصف
* * *
وقال الصاحب :
لآل محمد أصبحت عبدا
وآل محمد خير البريّه
أناس حلّ فيهم كلّ خير
مواريث النبوة والوصيه
* * *
وقال المؤلف :
اتبع نبي اللّه في دينه
وآله الغرّ الميامينا
لا تتبدل بهم غيرهم
فإنّهم غير ملومينا
* * *
ص: 104
ص: 105
ص: 106
ص: 107
ص: 108
الشيرازي في كتابه بالإسناد عن الهذيل عن مقاتل عن محمد بن الحنفية عن الحسن بن علي عليهماالسلام قال : كلّ ما في كتاب اللّه - عزّ وجلّ - « إِنَّ الأَْبْرارَ » فواللّه ما أراد به إلاّ علي بن أبي طالب وفاطمة وأنا والحسين عليهم السلام ، لأنّا نحن أبرار بأبنائنا وأمّهاتنا ، وقلوبنا علت بالطاعات والبرّ ، وتبرأت من الدنيا وحبّها ، وأطعنا اللّه في جميع فرائضه ، وآمنّا بوحدانيّته ، وصدّقنا برسوله صلى الله عليه و آله .
وعنه بهذا الإسناد : قال الحسن بن علي عليهماالسلام في قوله تعالى : « فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ » قال : صوّر اللّه - عزّ وجلّ - علي بن أبي طالب في ظهر أبي طالب على صورة محمد صلى الله عليه و آله ، فكان فكان علي بن أبي طالب عليهماالسلام
أشبه الناس برسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وكان الحسين بن علي عليهماالسلام أشبه الناس بفاطمة عليهاالسلام ، وكنت أنا أشبه الناس بخديجة الكبرى عليهاالسلام .
ص: 109
ابن عباس في قوله : « وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيرا » أنزلت في رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأهل بيته خاصّة(1) .
وقرأ الباقر عليه السلام « كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ » بالألف إلى آخر الآية(2) ، نزل بها جبرئيل عليه السلام وما عنى بها إلاّ محمدا صلى الله عليه و آله وعليا والأوصياء من ولده(3) عليهم السلام .
موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السلام ، وأبو الجارود عن الباقر عليه السلام وزيد بن علي في قوله تعالى : « فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى » ، قال : مودّتنا أهل البيت(4) .
ص: 110
الحسن بن علي عليهماالسلام في كلام له : وأعزّ به العرب عامّة ، وشرّف من شاء منه خاصّة ، فقال « وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ »(1) .
الباقر عليه السلام في قوله : « كَلاّ إِنَّ كِتابَ الأَْبْرارِ » إلى قوله « الْمُقَرَّبُونَ » وهو رسول اللّه صلى الله عليه و آله وعلي وفاطمة والحسن والحسين(2) عليهم السلام .
وصحّ عن الحسن بن علي عليهماالسلام أنّه خطب الناس ، فقال في خطبته : أنا من أهل البيت الذين افترض اللّه مودّتهم على كلّ مسلم ، فقال تعالى شأنه : « قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى » وقوله : « وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْنا » ، فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت(3) .
إسماعيل بن عبد الخالق عن الصادق عليه السلام قال : إنّها نزلت فينا أهل البيت[ في الحسن والحسين وعلي وفاطمة عليهم السلام ] أصحاب الكساء(4) .
ص: 111
العكبري في فضائل الصحابة باسناده عن أبي مالك ، وأبو صالح عن ابن عباس ، والثمالي بإسناده عن السدي عن ابن عباس قال : « اقتراف الحسنة » المودّة لآل محمد(1) صلى الله عليه و آله .
عمار بن يقظان الأسدي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في قوله تعالى : « إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصّالِحُ يَرْفَعُهُ » قال : ولايتنا أهل البيت - وأهوى بيده إلى صدره - فمن لم يتولّنا لم يرفع اللّه عملاً(2) .
وقالوا : النداء ثلاثة :
نداء من اللّه للخلق ، نحو : « وَناداهُما رَبُّهُما » ، « وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ » ، « وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ » .
والثاني : نداء من الخلق إلى اللّه ، نحو : « وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ » ، « فَنادى فِي الظُّلُماتِ » ، « وَزَكَرِيّا إِذْ نادى رَبَّهُ » .
والثالث : نداء الخلق للخلق ، نحو : « فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ » ، « فَناداها مِنْ تَحْتِها » ، « يُنادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ » ، « وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ » ،
ص: 112
« وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ » ، « وَنادَوْا يا مالِكُ » .
ونداء النبي صلى الله عليه و آله وذريّته : « رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِيا يُنادِي لِلإِْيمانِ » .
وخطب الصاحب ، فقال :
الحمد للّه ذي النعمة العظمى ، والمنحة الكبرى ، الداعي إلى الطريقة المثلى ، الهادي إلى الخليقة الحسنى ، « الَّذِي خَلَقَ فَسَوّى » ، و« قَدَّرَ فَهَدى » ، و « أَخْرَجَ الْمَرْعى فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى » .
وبعث محمد صلى الله عليه و آله من منصب مجتبى ، وأصل منتمى ، أرسله والناس سدى ، يتردّدون بين الضلالة والعمى ، فنبّه على خير الآخرة والأولى ، لم يلتمس « أَجْرا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى » ، شدّ أزره بأخيه المرتضى ، وسيفه
المنتضى ، ومن أحلّه محلّ هارون من موسى .
وأشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له ، شهادة تبلغ المدى ، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله ، خير من أرسل ودعا ، وأفضل من ارتدى واحتذى ، صلى الله عليه و آله .
شموس الضحى ، وأقمار الدجى ، وشجرة طوبى ، وسفينة نوح التي من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق في طوفان العمى ، ذريّة أذهب اللّه عنهم الرجس والأذى ، وطهّرها من كلّ دنس وقذى ، صلّى اللّه عليهم عدد الرمل والحصى ، والنجوم في السما .
ص: 113
وقالوا : الإمام المؤتمن ، منيم الثأر والإحن !!!! صاحب السمّ والمحن ، قالع الصنم والوثن ، واضع الفرائض والسنن ، أبو محمد الحسن عليه السلام .
ناعش ذوي المقربة ، ومطعم يوم المسغبة ، علم منشور ، ودر منثور ، ودين مذكور ، وسيف مشهور ، من منبع الأنبياء ، ومن منجر(1) الأوصياء ، ومن مزرع الزهراء عليهاالسلام ، وفي أهل العباء والكساء ، معدن السخاء ، شجرة الصفاء ، ثمرة الوفاء ، ابن خير الرجال وخير النساء .
كلمة التقوى ، العروة الوثقى ، سليل الهدى ، رضيع التقى ، غيث الندى ، غياث الورى ، ضياء العلى ، قرّة عين الزهراء
عليهاالسلام ، وولي عهد المرتضى عليه السلام ، أشبه الخلق بالمصطفى صلى الله عليه و آله ، مرضي المولى ، الحسن المجتبى عليه السلام .
قبلة العارفين ، وعلم المهتدين ، وثاني الخمسة الميامين ، الذي افتخر بهم الروح الأمين ، وباهل بهم اللّه المباهلين ، منبع الحكمة ، معدن العصمة ، كاشف الغمّة ، مفزع الأمّة ، وليّ النعمة ، عالي الهمّة ، جوهر الهداية ، طيّب البداية والنهاية ، صاحب اللّواء والراية ، أصل العلم والدراية ، محلّ الفهم والرواية ، والفضل والكفاية ، وأهل الإمامة والولاية ، والخلافة والدراية .
جوهر صدف النبوة ، ودرّ بحر أحمدية ، تاج آل محمدية ، ونور سعادة نسل إبراهيم عليه السلام ، سراج دولة أصل إسماعيل عليه السلام ، السبط المبجّل ، والإمام المفضّل ، أجلّ الخلائق في زمانه وأفضلهم ، وأعلاهم حسبا ونسبا وعلما ،
ص: 114
وأجلّ وأكمل ، سيّد شباب أهل الجنّة ، خدمته فرض على العالمين ومنّة ، وحبّه للمسلمين من النيران جنّة ، ومتابعته على الموحّدين واجب لا سنّة .
عنصر الشريعة والإسلام ، وقطب العلوم والأحكام ، وفلك شرائع الحلال والحرام ، شمس أولاد الرسول ، وقرّة عين البتول ، سماوة(1) الهلال ، وقامع أهل الضلال ، ومن اصطفاه اللّه الكبير المتعال ، ثمرة قلب النبي صلى الله عليه و آله ، قرّة عين الوصيّ ، ومن مدحه اللّه العليّ ، الحسن بن علي عليهماالسلام .
السبط الأوّل ، والإمام الثاني ، والمقتدى الثالث ، والذكر الرابع ، والمباهل الخامس ، الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام .
وزنه في الحساب « وليّ اللّه ووصيّه » لاستوائهما في ثلاثمائة وثلاث وخمسين .
قال ابن هاني المغربي :
هو علّة الدنيا ومن خلقت له
ولعلّة ما كانت الأشياء
من صفو ماء الوحي وهو مجاجة
من حوضة الينبوع وهو شفاء
من أبكت الفردوس حيث تفتقت
ثمراتها وتفيأ الأفياء
من شعلة القبس التي عرضت على
موسى وقد حارت به الظلماء
من معدن التقديس وهو سلالة
من جوهر الملكوت وهو ضياء
ص: 115
هذا الذي عطفت عليه مكة
وشعابها والركن والبطحاء
فعليه من سيما النبي دلالة
وعليه من نور الإله بهاء
* * *
وله أيضا :
وخير زاد المرء من بعد التقى
حبّ التقاة الغرّ أصحاب الكسا
* * *
وقال العبدي :
محمد وصنوه وابنته
وابناه خير من تحفّى واحتذى
صلّى عليهم ربّنا باري الورى
ومنشيء الخلق على وجه الثرى
صفّاهم اللّه تعالى وارتضى
واختارهم من الأنام واجتبى
لولاهم ما رفع اللّه السما
ولا دحى الأرض ولا أنشا الورى
لا يقبل اللّه لعبد عملاً
حتى يواليهم بإخلاص الولا
ولا يتمّ لامرء صلاته
إلاّ بذاكرهم ولا يزكو الدعا
لو لم يكونوا خير من وطأ الحصى
ما قال جبريل لهم تحت العبا
هل أنا منكم شرف ثم علا
يفاخر الإملاك إذ قالوا بلى
* * *
ص: 116
ص: 117
ص: 118
محمد بن إسحاق بالإسناد : جاء أبو سفيان إلى علي عليه السلام ، فقال : يا أبا الحسن ، جئتك في حاجة ، قال : وفيم جئتني ؟ قال : تمشي معي إلى ابن عمّك محمد صلى الله عليه و آله ، فتسأله أن يعقد لنا عقدا ، ويكتب لنا كتابا ، فقال : يا أبا سفيان ، لقد عقد لك رسول اللّه صلى الله عليه و آله عقدا لا يرجع عنه أبدا .
وكانت فاطمة عليهاالسلام من وراء الستر ، والحسن يدرج بين يديها ، وهو طفل من أبناء أربعة عشر شهرا ، فقال لها : يا بنت محمد ، قولي لهذا الطفل يكلّم لي جدّه فيسود بكلامه العرب والعجم .
فأقبل الحسن عليه السلام إلى أبي سفيان وضرب إحدى يديه على أنفه والأخرى على لحيته ، ثم أنطقه اللّه - عزّ وجلّ - بأن قال : يا أبا سفيان قل : « لا إله إلاّ اللّه محمدا رسول اللّه » حتى أكون شفيعا ، فقال عليه السلام : الحمد اللّه الذي جعل في آل محمد من ذريّة محمد المصطفى نظير يحيى بن زكريا « وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا »(1) .
بصائر الدرجات : أنّ الحسن بن علي عليهماالسلام خرج في عمرة ومعه رجل
ص: 119
من ولد الزبير ، فنزلوا في منهل تحت نخل يابس ، فقال الزبيري : لو كان في هذا النخل رطب أكلناه ، فقال الحسن عليه السلام : أو أنت تشتهي الرطب ؟ فقال : نعم .
فرفع الحسن عليه السلام يده إلى السماء ، فدعا بكلام لم يفهمه ، فاخضرت النخلة وأورقت ، وحملت رطبا ، فصعدوا على النخلة ، فصرموا(1) ما فيها فكفاهم(2) .
أبو حمزة الثمالي عن زين العابدين عليه السلام قال : كان الحسن بن علي عليهماالسلام
جالسا ، فأتاه آتٍ ، فقال : يا ابن رسول اللّه ، قد احترقت دارك ، قال : لا ما احترقت .
إذ أتاه آتٍ ، فقال : يا ابن رسول اللّه ، قد وقعت النار في دار إلى جنب دارك حتى ما شككنا أنّها ستحرق دارك ، ثم إنّ اللّه صرفها عنها(3) .
واستغاث الناس من زياد إلى الحسن بن علي عليهماالسلام ، فرفع يده وقال :
ص: 120
اللّهم خذ لنا ولشيعتنا من زياد ابن أبيه وأرنا فيه نكالاً عاجلاً إنّك على كلّ شيء قدير .
قال : فخرج خرّاج في إبهام يمينه ، يقال لها « السلعة » ، وورم إلى عنقه ، فمات(1) .
ادّعى رجل على الحسن بن علي عليهماالسلام ألف دينار كذبا ، ولم يكن له عليه ، فذهبا إلى شريح ، فقال للحسن عليه السلام : أتحلف ؟ قال : إن حلف خصمي أعطيه .
فقال شريح للرجل : قل باللّه الذي لا إله إلاّ هو عالم الغيب والشهادة ، فقال الحسن عليه السلام : لا أريد مثل هذا ، قل : باللّه أنّ لك عليّ هذا وخذ الألف .
فقال الرجل ذلك وأخذ الدنانير ، فلمّا قام خرّ إلى الأرض ومات .
فسئل الحسن عليه السلام عن ذلك ، فقال : خشيت أنّه لو تكلّم بالتوحيد يغفر له يمينه ببركة التوحيد ، ويحجب عنه عقوبة يمينه .
أبو أسامة : إنّ الحسن بن علي عليهماالسلام حجّ ماشيا فتورّمت قدماه ، فقيل له : لو ركبت مركبا يسهل عليك الطريق ، فقال : لا تبالوا ، فإنّا إذا بلغنا
ص: 121
المنزل يستقبلنا أسود بدهن ينفع الورم ، فقالوا : نفديك بآبائنا وأمهاتنا ، ليس من قبلنا منزل يباع فيه هذا ، قال : لن نبلغ المنزل إلاّ بعد قدومه .
فلم نسر إلاّ قليلاً حتى قال : دونكم الرجل ، فأتوه ، وسئل عن الدهن فقال : لمن تسألون ؟
فقالوا : للحسن بن علي عليهماالسلام ، قال : ائتوني إليه .
فلمّا أتوه قال : ما كنت أزعم أنّ الدهن يستدعى لأجلك ، ولي إليك حاجة أن تدعو لي لأرزق ولدا برّا تقيّا ، فإنّي ودّعت أهلي تمخض وكانت حاملاً ، فقال : يهب لك ولدا ذكرا سويّا شيعيّا ، فكان كما قال ، وأطلى رجليه بالدهن ، فبرأ بإذن اللّه تعالى(1) .
محمد بن إسحاق في كتابه قال : ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ما بلغ الحسن عليه السلام ، كان يبسط له على باب داره ، فإذا خرج وجلس انقطع الطريق ، فما مرّ أحد من خلق اللّه إجلالاً له ، فإذا علم قام ودخل بيته ، فمرّ الناس .
ولقد رأيته في طريق مكة ماشيا ، فما من خلق اللّه أحد رآه إلاّ نزل ومشى حتى رأيت سعد بن أبي وقاص يمشي(2) .
ص: 122
أبو السعادات في الفضائل : أنّه أملى الشيخ أبو الفتوح في مدرسة الناجية : إنّ الحسن بن علي عليهماالسلام كان يحضر مجلس رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وهو ابن سبع سنين ، فيسمع الوحي فيحفظه ، فيأتي أمّه فيلقي إليها ما حفظه .
فلمّا دخل علي عليه السلام وجد عندها علما ، فيسألها عن ذلك ، فقالت : من ولدك الحسن عليه السلام ، فتخفّى يوما في الدار ، وقد دخل الحسن عليه السلام ، وقد سمع الوحي ، فأراد أن يلقيه إليها فارتجّ عليه ، فعجبت أمّه من ذلك ، فقال : لا تعجبين يا أمّاه ، فإنّ كبيرا يسمعني ، واستماعه قد أوقفني ، فخرج علي عليه السلام فقبّله .
وفي رواية : يا أمّاه قلّ بياني ، وكلّ لساني ، لعلّ سيّدا يرعاني .
الحسن بن أبي العلى عن جعفر بن محمد : قال الحسن بن علي عليهماالسلاملأهل بيته : إنّي أموت بالسمّ كما مات رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال له أهل بيته : ومن الذي يسمّك ؟ قال : جاريتي أو امرأتي ، فقالوا له : أخرجها من ملكك عليها لعنة اللّه .
فقال عليه السلام : هيهات من إخراجها ومنيّتي على يدها ، ما لي منها محيص ، ولو أخرجتها ما يقتلني غيرها ، كان قضاء مقضيا وأمرا واجبا من اللّه .
فما ذهبت الأيام حتى بعث معاوية إلى امرأته ، قال : فقال الحسن عليه السلام : هل عندك من شربة لبن ؟ فقالت : نعم ، وفيه ذلك السمّ بعث به معاوية .
ص: 123
فلمّا شربه وجد مسّ السمّ في جسده ، فقال : يا عدوّة اللّه ، قتلتيني قاتلك اللّه ، أما - واللّه - لا تصيبن منّي خلفا ، ولا تنالين من الفاسق عدوّ اللّه اللّعين خيرا أبدا(1) .
إسماعيل بن أبان بإسناده عن الحسن بن علي عليهماالسلام أنّه مرّ في مسجد رسول اللّه صلى الله عليه و آله بحلقة فيها قوم من بني أميّة ، فتغامزوا به ، وذلك عندما تغلّب معاوية على ظاهر أمره ، فرآهم وتغامزهم به ، فصلّى ركعتين فقال :
قد رأيت تغامزكم ، أما - واللّه - لا تملكون يوما إلاّ ملكنا يومين ، ولا شهرا إلاّ ملكنا شهرين ، ولا سنة إلاّ ملكنا سنتين ، وإنّا لنأكل في سلطانكم ونشرب ونلبس ونركب وننكح ، وأنتم لا تركبون في سلطاننا ولا تشربون ولا تأكلون ولا تنكحون .
فقال له رجل : فكيف يكون ذلك - يا أبا محمد - وأنتم أجود الناس وأرأفهم وأرحمهم ، تأمنون في سلطان القوم ولا يأمنون في سلطانكم !
فقال : لأنّهم عادونا بكيد الشيطان ، وهو ضعيف ، وعاديناهم بكيد اللّه ، وكيد اللّه شديد(2) .
ص: 124
محمد الفتال النيسابوري في مؤنس الحزين بالإسناد عن عيسى بن الحسن عن الصادق عليه السلام قال بعضهم للحسن بن علي عليهماالسلام في احتماله الشدائد عن معاوية ، فقال عليه السلام كلاما معناه : لو دعوت اللّه - تعالى - لجعل العراق شاما والشام عراقا ، وجعل المرأة رجلاً والرجل امرأة .
فقال الشامي : ومن يقدر على ذلك ؟ فقال عليه السلام : انهضي ألا تستحين أن تقعدي بين الرجال ، فوجد الرجل نفسه امرأة .
ثم قال : وصارت عيالك رجلاً ، وتقاربك وتحمل عنها ، وتلد ولدا خنثى ، فكان كما قال عليه السلام .
ثم إنّهما تابا وجاءا إليه ، فدعا اللّه - تعالى - فعادا إلى الحالة الأولى .
وروى الحاكم في أماليه للحسن عليه السلام : من كان يباهي بجدّ فجدّي الرسول صلى الله عليه و آله ، أو كان يباهي بأمّ فإنّ أمّي البتول عليهاالسلام ، أو كان يباهي بزور فيزورنا جبرئيل عليه السلام .
قال الشاعر :
إليكم كلّ مكرمة تؤول
إذا ما قيل جدّكم الرسول
كفاكم من مديح الناس طرّا
إذا ما قيل أمّكم البتول
وإنّكم لآل اللّه حقّا
ومنكم ذو الأمانة جبرئيل
فلا يبقي لمادحكم كلام
إذا تمّ الكلام فما يقول
ص: 125
وقال أبو علي :
من كان خالق هذا الخلق مادحه
فإنّ ذلك شيء منه مفروغ
فإن أطل أو أقصّر في مدائحه
فليس بعد بلاغ اللّه تبليغ
* * *
ص: 126
ص: 127
ص: 128
قال أحدهما عليهماالسلام في قوله تعالى : « هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ
لا يَعْلَمُونَ » نحن الذين نعلم ، وأعداؤنا الذين لا يعلمون ، وشيعتنا أولوا الألباب(1) .
وقيل للحسن بن علي عليهماالسلام : إنّ فيك عظمة ، قال : بل فيّ عزّة ، قال اللّه تعالى « وَلِلّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤمِنِينَ »(2) .
وقال واصل بن عطاء : كان الحسن بن علي عليهماالسلام عليه سيماء الأنبياء وبهاء الملوك .
محمد بن عمير عن رجاله عن أبي عبد اللّه عن الحسن بن علي عليهماالسلام
ص: 129
قال : إنّ للّه مدينتين : إحداهما بالمشرق ، والأخرى بالمغرب ، عليهما سور من حديد ، وعلى كلّ مدينة ألف ألف باب ، لكلّ باب مصراعان من ذهب ، وفيهما سبعون ألف لغة ، يتكلّم كلّ واحد بخلاف لغة صاحبه ، وأنا أعرف جميع اللّغات ، وما فيهما وما بينهما ، وما عليهما حجّة غيري وغير الحسين أخي(1) .
سئل الحسن بن علي عليهماالسلام عن بدو الزكاة ، فقال : إنّ اللّه - تعالى - أوحى إلى آدم عليه السلام أن زكّ عن نفسك يا آدم ، قال : يا ربّ ، وما الزكاة ؟ قال : صلّ لي عشرة ركعات ، فصلّى .
ثم قال : ربّ هذه الزكاة عليّ وعلى الخلق ؟ قال اللّه : هذه الزكاة عليك في الصلاة ، وعلى ولدك في المال ، من جمع من ولدك مالاً(2) .
القاضي النعمان في شرح الأخبار بالإسناد عن عبادة بن الصامت ، ورواه جماعة : سأل أعرابي أبا بكر ، فقال : إنّي أصبت بيض نعام فشويته وأكلته وأنا محرم ، فما يجب عليّ ؟ فقال له : يا أعرابي ، أشكلت عليّ في قضيتك .
ص: 130
فدلّه على عمر ، ودلّه عمر على عبد الرحمن ، فلمّا عجزوا قالوا : عليك بالأصلع .
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : سل أيّ الغلامين شئت .
فقال الحسن عليه السلام : يا أعرابي ألك إبل ؟ قال : نعم ، قال : فاعمد إلى عدد ما أكلت من البيض نوقا فاضربهن بالفحول ، فما فضل منها فاهده إلى بيت اللّه العتيق الذي حججت إليه .
فقال أمير المؤمنين : إنّ من النوق السلوب ومنها ما يزلق(1) ، فقال : إن يكن من النوق السلوب وما يزلق ، فإنّ من البيض ما يمرق(2) .
قال فسمع صوت : معاشر الناس ، إنّ الذي فهّم هذا الغلام هو الذي فهّمها سليمان بن داود(3) .
من لا يحضره الفقيه : أنّه استفتي عليه السلام عن جارية زفّت إلى بيت رجل ، فوثبت عليها ضرّتها وضبطتها بنات عمّ لها ، فافتضّتها بأصبعها .
فقال عليه السلام : التي افتضتها زانية ، عليها صداقها وجلد مائة ، واللواتي ضبطنها مفتريات ، عليهن جلد ثمانين(4) .
ص: 131
الكليني في الكافي : أنّه جاء في حديث عمر بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السلام : أنّه سئل الحسن عليه السلام عن امرأة جامعها زوجها ، فقامت بحرارة جماعه ، فساحقت جارية بكرا ، وألقت النطقة إليها ، فحملت .
فقال عليه السلام : أمّا في العاجل فتؤخذ المرأة بصداق هذه البكر ، لأنّ الولد لا يخرج منها حتى يذهب عذرتها ، ثم ينتظر بها حتى تلد ، فيقام عليها الحدّ ، ويؤخذ الولد فيردّ إلى صاحب النطفة ، وتؤخذ المرأة ذات الزوج فترجم .
قال : فاطلع أمير المؤمنين عليه السلام وهم يضحكون ، فقصّوا عليه القصّة ، فقال : ما أحكم إلاّ ما حكم به الحسن(1) عليه السلام .
وفي رواية : لو أنّ أبا الحسن لقيهم ما كان عنده إلاّ ما قال الحسن(2) عليه السلام .
من لا يحضره الفقيه عن ابن بابويه بإسناده عن الرضا عليه السلام : أنّه أتي عمر برجل وجد على رأسه قتيل ، وفي يده سكين مملوءة دما ، فقال الرجل : لا - واللّه - ما قتلته ولا أعرفه ، وإنّما دخلت بهذه السكين أطلب شاة لي عدمت من بين يدي ، فوجدت هذا القتيل ، فأمر عمر بقتله .
ص: 132
فقال الرجل القاتل : إنّا للّه وإنّا إليه راجعون ، قد قتلت رجلاً ، وهذا رجل آخر يقتل بسببي ، فشهد على نفسه بالقتل .
فأدركهم أمير المؤمنين عليه السلام وقال :[ اذهبوا إلى الحسن ابني ليحكم بينكم ، فذهبوا إليه ، وقصّوا عليه القصّة ، فقال عليه السلام : ] لا يجب عليه القود ، إن كان قتل نفسا فقد أحيى نفسا ، ومن أحيى نفسا فلا يجب عليه قود .
فقال عمر : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : أقضاكم علي ، وأعطى ديّته من بيت المال .
وفي الكافي والتهذيب : أبو جعفر : أنّ أمير المؤمنين عليه السلام سأل فتوى ذلك الحسن عليه السلام ، فقال : يطلق كلاهما ، والديّة من بيت المال ، قال : ولم ؟ قال لقوله : « وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاسَ جَمِيعا »(1) .
ص: 133
أبو سنان عن رجل من أهل الكوفة : أنّ الحسن بن علي عليهماالسلام كلّم رجلاً ، فقال : من أيّ بلد أنت ؟
قال : من الكوفة ، قال : لو كنت بالمدينة لأريتك منازل جبرئيل عليه السلام من ديارنا .
محمد بن سيرين : أنّ عليا عليه السلام قال لابنه الحسن عليه السلام : إجمع الناس ، فاجتمعوا ، فأقبل وخطب الناس ، فحمد اللّه وأثنى عليه وتشهد ، ثم قال :
أيّها الناس ! إنّ اللّه اختارنا لنفسه ، وارتضانا لدينه ، واصطفانا على خلقه ، وأنزل علينا كتابه ووحيه .
وأيم اللّه ، لا ينقصنا أحد من حقّنا شيئا إلاّ انتقصه اللّه من حقّه ، في عاجل دنياه وآخرته ، ولا يكون علينا دولة إلاّ كانت لنا العاقبة « وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ » .
ثم نزل ، فجمع بالناس ، وبلغ أباه ، فقبّل بين عينيه ، ثم قال : بأبي وأمّي « ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ » .
ص: 134
العقد عن ابن عبد ربّه الأندلسي ، وكتاب المدائني أيضا : أنّه قال عمرو بن العاص لمعاوية : لو أمرت الحسن بن علي عليهماالسلام يخطب على المنبر ، فلعلّه حصر فيكون ذلك وضعا له عند الناس ، فأمر الحسن عليه السلامبذلك .
فلمّا صعد المنبر تكلّم وأحسن ، ثم قال : أيّها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي طالب ، أنا ابن أوّل المسلمين إسلاما ، وأمّي فاطمة بنت رسول اللّه ، أنا ابن البشير النذير ، أنا ابن السراج المنير ، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين .
وفي رواية ابن عبد ربّه : لو طلبتم ابنا لنبيّكم ما بين لابتيها لم تجدوا غيري وغير أخي .
فناداه معاوية : يا أبا محمد حدّثنا بنعت الرطب ، أراد بذلك أن يخجله ويقطع بذلك كلامه .
فقال : نعم ، تلفحه الشمال ، وتخرجه الجنوب ، وتنضجه الشمس ، ويطيّبه القمر .
وفي رواية المدائني : الريح تنفحه ، والحرّ ينضجه ، والليل يبرده ويطيّبه .
وفي رواية المدائني : فقال عمرو : أبا محمد ، هل تنعت الخرأة ؟
قال : نعم ، تبعد الممشى في الأرض الصحصح(1) حتى تتوارى من
ص: 135
القوم ، ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ، ولا تمسح باللقمة والرمّة - يريد العظم والروث - ولا تبل في الماء الراكد(1) .
المنهال بن عمرو : أنّ معاوية سأل الحسن عليه السلام أن يصعد المنبر وينتسب ، فصعد ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثم قال :
أيّها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فسأبيّن له نفسي : بلدي مكة ومنى ، وأنا ابن المروة والصفا ، وأنا ابن النبي المصطفى صلى الله عليه و آله ، وأنا ابن من علا الجبال الرواسي ، وأنا ابن من كسا محاسن وجهه الحياء ، أنا ابن فاطمة سيّدة النساء عليهاالسلام ، أنا ابن قليلات العيوب ، نقيات الجيوب .
وأذن المؤذن ، فقال : أشهد أن لا إله إلاّ اللّه ، أشهد أنّ محمدا رسول اللّه .
فقال لمعاوية : محمد أبي أم أبوك ؟ فإن قلت ليس بأبي فقد كفرت ، وإن
قلت : نعم ، فقد أقررت .
ثم قال : أصبحت قريش تفتخر على العرب بأنّ محمدا منها ، وأصبحت العجم تعرف حقّ العرب بأنّ محمدا منها ، يطلبون حقّنا ولا يردّون الينا حقّنا(2) .
ص: 136
وكتب ملك الروم إلى معاوية يسأله عن ثلاث : عن مكان بمقدار وسط السماء(1) ، وعن أوّل قطرة دم وقعت على الأرض ، وعن مكان طلعت فيه الشمس مرّة ، فلم يعلم ذلك .
فاستغاث بالحسن بن علي عليهماالسلام ، فقال : ظهر الكعبة ، ودم حواء ، وأرض البحر حين ضربه موسى .
وعنه عليه السلام في جواب ملك الروم : ما لا قبلة له فهي الكعبة ، وما لا قرابة له فهو الربّ تعالى .
ص: 137
وسأل شاميّ الحسن بن علي عليهماالسلام ، فقال ، كم بين الحقّ والباطل ؟ فقال : أربع أصابع ، فما رأيت بعينك فهو الحقّ ، وقد تسمع بأذنك باطلاً كثيرا .
وقال : كم بين الإيمان واليقين ؟ فقال : أربع أصابع ، الإيمان ما سمعناه ، واليقين ما رأيناه .
وقال : كم بين السماء والأرض ؟ قال : دعوة المظلوم ، ومدّ البصر .
قال : كم بين المشرق والمغرب ؟ قال : مسيرة يوم للشمس(1) .
أبو المفضل الشيباني في أماليه ، وابن الوليد في كتابه بالإسناد عن جابر بن عبد اللّه قال : كان الحسن بن علي عليهماالسلام قد ثقل لسانه وأبطأ كلامه ، فخرج رسول اللّه صلى الله عليه و آله في عيد من الأعياد ، وخرج معه الحسن بن علي عليهماالسلام ، فقال النبي صلى الله عليه و آله : اللّه أكبر ، يفتتح الصلاة ، فقال الحسن عليه السلام : اللّه أكبر .
قال : فسرّ بذلك رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فلم يزل رسول اللّه صلى الله عليه و آله يكبّر ، والحسن عليه السلام معه يكبّر حتى كبّر سبعا ، فوقف الحسن عليه السلام عند السابعة ، فوقف رسول اللّه صلى الله عليه و آله عندها .
ثم قام رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى الركعة الثانية ، فكبّر الحسن عليه السلام حتى بلغ رسول اللّه صلى الله عليه و آله خمس تكبيرات ، فوقف الحسن عليه السلام عند الخامسة .
ص: 138
فصار ذلك سنّة في تكبير صلاة العيدين .
وفي رواية : أنّه كان الحسين عليه السلام .
كتاب إبراهيم : قال بعض أصحاب الحسن عليه السلام مرفوعا : الطلق للنساء إنّما يكون سرّة المولود متّصلة بسرّة أمّه ، فتقطع فيؤلمها .
قال ابن حماد :
يا ابن النبيّ المصطفى
وابن الوصيّ المرتضى
يا ابن البتول فاطم ال-
زهراء سيّدة النسا
يا ابن الحطيم وزمزم
وابن المشاعر والصفا
يا ابن السماحة والندى
وابن المكارم والنهى
* * *
وقال ابن المقلد الشيرازي أو شرف الدولة :
سلام على أهل الكساء هداتي
ومن طاب محياي بهم ومماتي
بني البيت والركن المخلق من منى
بني النسك والتقديس والصلوات
بنيالرشد والتوحيد والصدق والهدى
بني البرّ والمعروف والصدقات
ص: 139
بهم محّص الرحمن عظم جرائمي
وضاعف لي في حبّهم حسناتي
ولولاهم لم يزك لي عمل ولا
تقبّل صومي خالقي وصلاتي
محبّتهم لي حجّة وولاهم
ألاقي به الرحمن عند وفاتي
* * *
ص: 140
ص: 141
ص: 142
أمّا زهده :
ما جاء في روضة الواعظين عن الفتال : أنّ الحسن بن علي عليهماالسلام كان إذا توضّأ ارتعدت مفاصله ، واصفرّ لونه ، فقيل له في ذلك .
فقال عليه السلام : حقّ على كلّ من وقف بين يدي ربّ العرش أن يصفرّ لونه ، وترتعد مفاصله(1) .
وكان عليه السلام إذا بلغ باب المسجد رفع رأسه ويقول : إلهي ضيفك ببابك يا محسن قد أتاك المسيء ، فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك ، يا كريم .
الفائق : إنّ الحسن عليه السلام كان إذا فرغ من الفجر لم يتكلّم حتى تطلع الشمس ، وإن زحزح ، أي وإن أريد تنحيه من ذلك باستنطاق ما يهمّ(2) .
ص: 143
قال الصادق عليه السلام : إنّ الحسن بن علي عليهماالسلام حجّ خمسة وعشرين حجّة ماشيا ، وقاسم اللّه - تعالى - ماله مرّتين(1) .
وفي خبر : قاسم ربّه ثلاث مرات ، وحجّ عشرين حجّة على قدميه(2) .
أبو نعيم في حلية الأولياء بالإسناد عن القاسم بن عبد الرحمن عن محمد بن علي عليهماالسلام : قال الحسن عليه السلام : إنّي لأستحيي من ربّي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته ، فمشى عشرين مرّة من المدينة على رجليه(3) .
وفي كتابه بالإسناد عن شهاب بن عامر : أنّ الحسن بن علي عليهماالسلامقاسم
اللّه - تعالى - ماله مرّتين ، حتى تصدّق بفرد نعله(4) .
وفي كتابه بالإسناد عن أبي نجيح : أنّ الحسن بن علي عليهماالسلام حجّ ماشيا ، وقسم ماله نصفين(5) .
وفي كتابه بالإسناد عن علي بن جدعان قال : خرج الحسن بن علي عليهماالسلام من ماله مرّتين ، وقاسم اللّه ماله ثلاث مرات ، حتى إن كان ليعطى نعلاً ويمسك نعلاً ، ويعطى خفّا ويمسك خفّا(6) .
وروى عبد اللّه بن عمر عن ابن عباس قال : لمّا أصيب معاوية قال : ما آسى على شيء إلاّ على أن أحجّ ماشيا ، ولقد حجّ الحسن بن علي عليهماالسلام
ص: 144
خمسا وعشرين حجّة ماشيا ، وإنّ النجائب لتقاد معه ، وقد قاسم اللّه ماله مرّتين ، حتى إن كان ليعطى النعل ويمسك النعل ، ويعطى الخفّ ويمسك الخفّ(1) .
وروي أنّه دخلت عليه امرأة جميلة ، وهو في صلاته ، فأوجز في صلاته ، ثم قال لها : ألك حاجة ؟ قالت : نعم ، قال : وما هي ؟ قالت : قم فأصب منّي ، فإنّي وفدت ولا بعل لي ، قال : إليك عنّي لا تحرقيني بالنار ونفسك .
فجعلت تراوده عن نفسه ، وهو يبكي ويقول : ويحك إليك عنّي ، واشتدّ بكاؤه ، فلمّا رأت ذلك بكت لبكائه .
فدخل الحسين عليه السلام ورآهما يبكيان ، فجلس يبكي ، وجعل أصحابه يأتون ويجلسون ويبكون حتى كثر البكاء ، وعلت الأصوات ، فخرجت الأعرابية ، وقام القوم وترحّلوا .
ولبث الحسين عليه السلام بعد ذلك دهرا لا يسأل أخاه عن ذلك إجلالاً ، فبينما الحسن عليه السلام ذات ليلة نائما إذ استيقظ وهو يبكي ، فقال له الحسين عليه السلام : ما شأنك ؟ قال : رؤيا رأيتها الليلة ، قال : وما هي ؟ قال : لا تخبر أحدا ما دمت حيّا ، قال : نعم .
ص: 145
قال : رأيت يوسف ، فجئت انظر إليه فيمن نظر ، فلمّا رأيت حسنه بكيت ، فنظر إليّ في الناس ، فقال : ما يبكيك يا أخي بأبى أنت وأمّي ؟!
فقلت : ذكرت يوسف وامرأة العزيز ، وما ابتليت به من أمرها ، وما لقيت من السجن ، وحرقة الشيخ يعقوب ، فبكيت من ذلك ، وكنت أتعجب منه .
فقال يوسف عليه السلام : فهلاّ تعجّبت ممّا فيه المرأة البدويّة بالأبواء(1)(2) .
عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : دخل الحسن بن علي عليهماالسلام الفرات في بردة كانت عليه .
قال : فقلت له : لو نزعت ثوبك ! فقال لي : يا أبا عبد الرحمن ، إنّ للماء سكانا(3) .
وللحسن بن علي عليهماالسلام :
ذري كدر الأيام إنّ صفاءها
تولّى بأيام السرور الذواهب
وكيف يعزّ الدهر من كان بينه
وبين الليالي محكمات التجارب
* * *
ص: 146
وله أيضا عليه السلام :
قل للمقيم بغير دار إقامة
حان الرحيل فودّع الأحبابا
إنّ الذين لقيتهم وصحبتهم
صاروا جميعا في القبور ترابا
* * *
وله أيضا عليه السلام :
يا أهل لذّات دنيا لا بقاء لها
إنّ المقام بظلّ زائل حمق(1)
* * *
وله أيضا عليه السلام :
لكسرة من خسيس الخبز تشبعني
وشربة من قراح الماء تكفيني
وطمرة من رقيق الثوب تسترني
حيّا وإن متّ تكفيني لتكفيني
* * *
وقال الكميت :
وفي حسن كانت مصاديق لاسمه
أراب لصدعيها المهيمن مرأب
وحزم وعزم في عفاف وسؤدد
إلى منصب لا مثله كان منصب
* * *
وقال المهذب البصري :
خيرة اللّه في العباد ومن يع-
-ضد ياسين فيهم طاسين
ص: 147
والأولى لا تقرّ منهم جنوب
في الدياجي ولا تنام عيون
ولهم في القرآن في غسق الليل
إذا طرب السفيه حنين
وبكاء مل ء العيون غزير
وتكاد الصخور منه تلين
* * *
ص: 148
ومن سخائه عليه السلام
ما روي أنّه سأل الحسن بن علي عليهماالسلام رجل ، فأعطاه خمسين ألف دينار ، وقال : إئت بحمّال يحمل لك ، فأتى بحمّال ، فأعطاه طيلسانه ، فقال : هذا كرى الحمال(1) .
وجاءه بعض الأعراب ، فقال : أعطوه ما في الخزانة ، فوجد فيها عشرون ألف درهم ، فدفعها إلى الأعرابي .
فقال الأعرابي : يا مولاي ألا تركتني أبوح بحاجتي وأنشر مدحتي .
فأنشأ الحسن عليه السلام :
نحن أناس نوالنا خضل
يرتع فيه الرجاء والأمل
تجود قبل السؤال أنفسنا
خوفا على ماء وجه من يسل
لو علم البحر فضل نائلنا
لغاض من بعد فيضه خجل(2)
ص: 149
أبو جعفر المدائني في حديث طويل : خرج الحسن والحسين عليهماالسلام
وعبد اللّه بن جعفر حجّاجا ، ففاتتهم أثقالهم ، فجاعوا وعطشوا ، فرأوا في بعض الشعوب خباءا رثّا وعجوزا ، فاستسقوها ، فقالت : اطلبوا هذه الشويهة ، ففعلوا ، واستطعموها ، فقالت : ليس إلاّ هي ، فليقم أحدكم فليذبحها حتى أصنع لكم طعاما ، فذبحها أحدهم ، ثم شوت لهم من لحمها ، وأكلوا وقيلوا عندها .
فلمّا نهضوا قالوا لها : نحن نفر من قريش نريد هذا الوجه ، فإذا انصرفنا وعدنا فالممي بنا ، فإنّا صانعون لك خيرا ، ثم رحلوا .
فلمّا جاء زوجها وعرف الحال أوجعها ضربا .
ثم مضت الأيام ، فأضرّت بها الحال ، فرحلت حتى اجتازت بالمدينة ، فبصر بها الحسن عليه السلام ، فأمر لها بألف شاة وأعطاها ألف دينار ، وبعث معها رسولاً إلى الحسين عليه السلام ، فأعطاها مثل ذلك ، ثم بعثها إلى عبد اللّه بن جعفر ، فأعطاها مثل ذلك(1) .
وسأله رجل شيئا ، فأمر له بأربعمائة درهم ، فكتب له بأربعمائة دينار ، فقيل له في ذلك، فأخذه وقال: هذا سخاؤه، وكتب عليه بأربعة آلاف درهم.
وسمع عليه السلام رجلاً إلى جنبه في المسجد الحرام يسأل اللّه أن يرزقه عشرة آلاف درهم ، فانصرف إلى بيته وبعث إليه بعشرة آلاف درهم(1) .
قال : قال صلى الله عليه و آله : لا يفلح قوم ملكت عليهم امرأة ، وقد ملكت عليّ امرأتي ، وأمرتني أن أشتري عبدا ، فاشتريته فأبق منّي .
فقال عليه السلام : إختر أحد ثلاثة : إن شئت فثمن عبد ، فقال : ها هنا ، ولا تتجاوز قد اخترت ، فأعطاه ذلك(1) .
فضائل العكبري بالإسناد عن أبي إسحاق : أنّ الحسن بن علي عليهماالسلام تزوّج جعدة بنت الأشعث بن قيس على سنّة النبي صلى الله عليه و آله ، وأرسل إليها ألف دينار .
تفسير الثعلبي ، وحلية أبي نعيم : قال محمد بن سيرين : إنّ الحسن بن علي عليهماالسلام تزوّج امرأة ، فبعث إليها مائة جارية ، مع كلّ جارية ألف درهم(2) .
الحسن بن سعيد عن أبيه قال : كان تحت الحسن بن علي عليهماالسلامامرأتان : تميمية وجعفية ، فطلّقهما جميعا ، وبعثني إليهما وقال : أخبرهما فلتعتدّا ، وأخبرني بما تقولان ، ومتّعهما العشرة الآلاف ، وكلّ واحدة منهما بكذا وكذا من العسل والسمن .
ص: 152
فأتيت الجعفية ، فقلت : اعتدّي ، فتنفّست الصعداء ، ثم قالت : متاع قليل من حبيب مفارق .
وأمّا التميمية ، فلم تدر ما اعتدّت حتى قال لها النساء فسكتت .
فأخبرته بقول الجعفية ، فنكت في الأرض ، ثم قال : لو كنت مراجعا لامرأة لراجعتها(1)(2) .
وقال أنس : حيّت جارية الحسن بن علي عليهماالسلام بطاقة ريحان ، فقال لها : أنت حرّة لوجه اللّه .
فقلت له في ذلك ، فقال : أدّبنا اللّه - تعالى - فقال « وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها » الآية ، وكان أحسن منها اعتاقها(3) .
* * *
ص: 153
وللحسن بن علي عليهماالسلام :
إنّ السخاء على العباد فريضة
للّه يقرأ في كتاب محكم
وعد العباد الأسخياء جنانه
وأعدّ للبخلاء نار جهنم
من كان لا تندى يداه بنائل
للراغبين فليس ذاك بمسلم
* * *
وله أيضا عليه السلام :
خلقت الخلائق من قدرة
فمنهم سخي ومنهم بخيل
فأمّا السخي ففي راحة
وأمّا البخيل فحزن طويل
* * *
ص: 154
ومن همّته عليه السلام
ما روي أنّه قدم الشام - أي عند معاوية - فأحضر بارنامجا(1) بحمل عظيم ووضع قبله ، ثم إنّ الحسن عليه السلام لمّا أراد الخروج خصف خادم نعله ، فأعطاه البارنامج .
وقدم معاوية المدينة ، فجلس في أوّل يوم يجيز من دخل عليه من خمسة آلاف إلى مائة ألف ، فدخل عليه الحسن بن علي عليهماالسلام في آخر الناس ، فقال : أبطأت - يا أبا محمد - فلعلّك أردت تبخّلني عند قريش ، فانتظرت يفنى ما عندنا ، يا غلام اعط الحسن مثل جميع ما أعطينا في يومنا هذا ، يا أبا محمد وأنا ابن هند !
فقال الحسن عليه السلام : لا حاجة لي فيها- يا أبا عبد الرحمن - ورددتها وأنا ابن فاطمة بنت محمد رسول اللّه (2) صلى الله عليه و آله .
ص: 155
قال المتنبي :
ويعظم في عين الصغير صغيرها
ويصغر في عين العظيم العظائم
* * *
المبرد في الكامل : قال مروان بن الحكم : إنّي مشغوف ببغلة الحسن بن علي عليهماالسلام ، فقال له ابن أبي عتيق : إن دفعتها إليك تقضي لي ثلاثين حاجة ؟ قال : نعم ، قال : إذا اجتمع الناس فإنّي آخذ في مآثر(1) قريش وأمسك عن مآثر الحسن عليه السلام ، فلمني على ذلك .
ولمّا حضر القوم أخذ في أولية قريش ، فقال مروان : ألا تذكر أولية أبي محمد ، وله في هذا ما ليس لأحد .
قال : إنّما كنّا في ذكر الأشراف ، ولو كنّا في ذكر الأولياء لقدّمنا ذكره .
فلمّا خرج الحسن عليه السلام ليركب تبعه ابن أبي عتيق ، فقال له الحسن عليه السلام وتبسّم : ألك حاجة ؟
قال : نعم ، ركوب البغلة ، فنزل الحسن عليه السلام ودفعها إليه(2) .
« إنّ الكريم إذا خادعته انخدعا(3) »
ص: 156
ومن حلمه عليه السلام
ما روى المبرد وابن عائشة : أنّ شاميا رآه راكبا ، فجعل يلعنه والحسن عليه السلام لا يردّ ، فلمّا فرغ أقبل الحسن عليه السلام عليه وضحك ، وقال : أيّها الشيخ ، أظنّك غريبا ، ولعلك شبّهت ، فلو استعتبتنا أعتبناك ، ولو سألتنا أعطيناك ، ولو استرشدتنا أرشدناك ، ولو استحملتنا حملناك ، وإن كنت جائعا أشبعناك ، وإن كنت عريانا كسوناك ، وإن كنت محتاجا أغنياك ، وإن كنت طريدا آويناك ، وإن كان لك حاجة قضيناها لك ، فلو حرّكت رحلك إلينا ، وكن ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك ، لأنّ لنا موضعا رحبا ، وجاها عريضا ، ومالاً كبيرا .
فلمّا سمع الرجل كلامه بكى ، ثم قال : أشهد أنّك خليفة اللّه في أرضه ، « اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ » ، وكنت أنت وأبوك أبغض خلق اللّه إليّ ، والآن أنت أحبّ خلق اللّه إليّ .
وحوّل رحله إليه ، وكان ضيفه إلى أن ارتحل ، وصار معتقدا لمحبّتهم(1) .
ص: 157
المناقب عن أبي إسحاق العدل في خبر : أنّ مروان بن الحكم خطب يوما ، فذكر علي بن أبي طالب عليهماالسلام ، فنال منه والحسن بن علي عليهماالسلام
جالس ، فبلغ ذلك الحسين عليه السلام ، فجاء إلى مروان وقال : يا ابن الزرقاء أنت الواقع في علي عليه السلام ، في كلام له .
ثم دخل على الحسن عليه السلام ، فقال : تسمع هذا يسبّ أباك فلا تقول له شيئا ! فقال : وما عسيت أن أقول لرجل مسلّط يقول ما شاء ويفعل ما شاء(1) .
ص: 158
وروي أنّ الحسن عليه السلام لم يسمع قطّ منه كلمة فيها مكروه إلاّ مرّة واحدة ، فإنّه كان بينه وبين عمرو بن عثمان خصومة في أرض ، فقال له الحسن عليه السلام : ليس لعمرو عندنا إلاّ ما يرغم أنفه(1)(2) !
قال الجماني :
تراث لهم من آدم ومحمد
إلى الثقلين من وصيّ ومصحف
فجازوا أباهم عنهم كيف شئتم
تلافوالديه النصف من خيرمنصف
ص: 159
وقال العوني :
قوم هم حجج اللّه الجليل وهم
فلك النجاة لمن والاهم وصلوا
قوم محبّتهم فرض وبغضهم
كفر لام الذي يشناهم(1) الهبل(2)
ولو بهم قيست الدنيا وزينتهابمثلها عدد ما مثلهم عدلوا
أخلص محبّة أهل البيت إنّ بهميوم القيامة تخلص أيّها الرجل
* * *
ص: 160
ص: 161
ص: 162
جابر الأنصاري قال النبي صلى الله عليه و آله : من سرّه أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنّة ، فلينظر إلى الحسن بن علي(1) عليهماالسلام .
وفي حديث عبد اللّه بن بريدة عن ابن عباس قال : انطلقنا مع النبي صلى الله عليه و آله ، فنادى على باب فاطمة عليهاالسلام ثلاثا ، فلم يجبه أحد ، فمال إلى
حائط فقعد فيه ، وقعدت إلى جانبه .
فبينا هو كذلك ، إذ خرج الحسن عليه السلام ، وقد غسل وجهه وعلّقت عليه سبحة .
قال : فبسط النبي صلى الله عليه و آله يده ومدّها ، ثم ضمّ الحسن عليه السلام إلى صدره وقبّله وقال : إنّ ابني هذا سيّد لعلّ اللّه يصلح به بين فئتين من المسلمين(2) .
ص: 163
المحاضرات عن الراغب ، روى أبو هريرة وبريدة : رأيت النبي صلى الله عليه و آله يخطب على المنبر ينظر إلى الناس مرّة ، والى الحسن عليه السلام مرّة ، وقال : إنّ ابني هذا سيصلح اللّه به فئتين من المسلمين(1) .
ورواه البخاري ، والخطيب ، والخركوشي ، والسمعاني .
وروى البخاري ، والموصلي ، وأبو السعادات ، والسمعاني ، قال إسماعيل بن خالد لأبي جحيفة : رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ قال : نعم ، وكان الحسن عليه السلام يشبهه(2) .
ص: 164
أبو هريرة قال : دخل الحسن بن علي عليهماالسلام وهو مغتمّ ، فظننت أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قد بعث .
الغزالي والمكي ، في الإحياء ، وقوت القلوب : قال النبي صلى الله عليه و آله للحسن
عليه السلام : أشبهت خلقي وخلقي(1) .
قال البختري :
وشبيه النبي خلقا وخلقا
ونسيب النبي جدّا فجدّا
* * *
وقال ابن حماد :
إمام ابن الإمام أخو إمام
تخطفه الردا وإليه أمّا
شبيه محمد خلقا وخلقا
وحيدرة الرضى فهما وعلما
* * *
ودعا أمير المؤمنين عليه السلام محمد بن الحنفية يوم الجمل ، فأعطاه رمحه وقال له : اقصد بهذا الرمح قصد الجمل ، فذهب فمنعوه بنو ضبّة .
ص: 165
فلمّا رجع إلى والده انتزع الحسن عليه السلام رمحه من يده وقصد قصد الجمل وطعنه برمحه ، ورجع إلى والده عليه السلام ، وعلى رمحه أثر الدم .
فتمعّر(1) وجه محمد من ذلك ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : لا تأنف ، فإنّه ابن النبي صلى الله عليه و آله ، وأنت ابن علي عليه السلام .
وطاف الحسن بن علي عليهماالسلام بالبيت ، فسمع رجلاً يقول : هذا ابن فاطمة الزهراء عليهاالسلام .
فالتفت إليه ، فقال : قل : علي بن أبي طالب ، فأبي خير من أمّي .
وتفاخرت قريش والحسن بن علي عليهماالسلام حاضر لا ينطق ، فقال معاوية : يا أبا محمد ، ما لك لا تنطق ؟ فواللّه ما أنت بمشوب الحسب ولا بكليل اللسان .
قال الحسن عليه السلام : ما ذكروا فضيلة إلاّ ولي محضها ولبابها ، ثم قال :
فيم الكلام وقد سبقت مبرّزا
سبق الجواد من المدى المتنفّس(2)
* * *
ص: 166
أخبار ابن أبي حاتم : أنّ معاوية فخر يوما ، فقال : أنا ابن بطحاء مكة ، أنا ابن أعززها جودا ، وأكرمها جدودا ، أنا ابن من ساد قريشا فضلاً ناشئا وكهلاً .
فقال الحسن بن علي عليهماالسلام : أعليّ تفخر يا معاوية ! أنا ابن عروق الثرى ، أنا ابن مأوى التقى ، أنا ابن من جاء بالهدى ، أنا ابن من ساد أهل الدنيا بالفضل السابق والحسب الفائق ، أنا ابن من طاعته طاعة اللّه ومعصيته معصية اللّه ، فهل لك أب كأبي تباهيني به ؟ وقديم كقديمي تساميني به ؟ تقول : نعم أو لا ؟
قال معاوية : بل أقول : لا ، وهي لك تصديق .
فقال الحسن عليه السلام :
الحقّ أبلج ما يحيل سبيله
والحقّ يعرفه ذوو الألباب(1)
* * *
وقال معاوية للحسن بن علي عليه السلام : أنا أخير منك يا حسن !! قال : وكيف ذاك يا ابن هند ؟
قال : لأنّ الناس قد أجمعوا عليّ ولم يجمعوا عليك .
ص: 167
قال : هيهات هيهات ، لشرّ ما علوت يا ابن آكلة الأكباد ، المجتمعون عليك رجلان : بين مطيع ومكره ، فالطائع لك عاص للّه ، والمكروه معذور بكتاب اللّه ، وحاشى للّه أن أقول : أنا خير منك ، فلا خير فيك ، ولكن اللّه برّأني من الرذائل كما برأك من الفضائل .
قال الحميري :
مجبر قال لدينا عدد
وجميع من جماهير البشر
قلت ذمّ اللّه ربّي جمعكم
وبه تنطق آيات الزبر
من زها سبعين ألف برّة
وسواها في عذاب وسعر
* * *
كتاب الشيرازي : روى سفيان الثوري عن واصل عن الحسن عن ابن عباس في قوله : « وَشارِكْهُمْ فِي الأَْمْوالِ وَالأَْوْلادِ » أنّه جلس الحسن بن علي عليهماالسلام ويزيد بن معاوية بن أبي سفيان يأكلان من الرطب ، فقال يزيد : يا حسن ، إنّي منذ كنت أبغضك !
قال الحسن عليه السلام : إعلم - يا يزيد - أنّ إبليس شارك أباك في جماعه ، فاختلط الماءان ، فأورثك ذلك عداوتي ، لأنّ اللّه - تعالى - يقول : « وَشارِكْهُمْ فِي الأَْمْوالِ وَالأَْوْلادِ » ، وشارك الشيطان حربا عند جماعه ، فولد له صخر ، فلذلك كان يبغض جدّي رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
ص: 168
قال ابن حماد :
كم بين مولود أبوه وأمّه
قد شاركا في حمله الشيطانا
ومطهّر لم يجعل الرحمن
للشيطان في شرك به سلطانا
* * *
وهرب سعيد بن سرح من زياد إلى الحسن بن علي عليه السلام ، فكتب الحسن عليه السلام إليه يشفع فيه ، فكتب زياد :
من زياد بن سفيان !! إلى الحسن بن فاطمة ، أمّا بعد ، فقد أتاني كتابك تبدأ فيه بنفسك قبلي ، وأنت طالب حاجة وأنا سلطان ، وأنت سوقة(1) !! وذكر نحوا من ذلك .
فلمّا قرأ الحسن عليه السلام الكتاب تبسّم ، وأنفذ بالكتاب إلى معاوية ، فكتب معاوية إلى زياد يؤنّبه ويأمره أن يخلّي عن أخي سعيد وولده وامرأته ، وردّ ماله ، وبناء ما قد هدمه من داره ، ثم قال : وأمّا كتابك إلى الحسن باسمه واسم أمّه ، لا تنسبه إلى أبيه ، وأمّه بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وذلك أفخر له إن كنت تعقل(2) .
ص: 169
كتاب الفنون عن أحمد بن المؤدب ، ونزهة الأبصار عن ابن مهدي : أنّه مرّ الحسن بن علي عليهماالسلام على فقراء ، وقد وضعوا كسيرات على الأرض ، وهم قعود يلتقطونها ويأكلونها ، فقالوا له : هلمّ يا ابن بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى الغداء .
قال : فنزل وقال إنّ اللّه « لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ » ، وجعل يأكل معهم حتى اكتفوا ، والزاد على حاله ببركته ، ثم دعاهم إلى ضيافته وأطعمهم وكساهم .
وذكروا : أنّ الحسن بن علي عليهماالسلام دخل على معاوية يوما ، فجلس عند رجله وهو مضطجع ، فقال له : يا أبا محمد ، ألا أعجبك من عائشة تزعم أنّي لست للخلافة أهلاً .
فقال الحسن عليه السلام : وأعجب من هذا جلوسي عند رجلك وأنت نائم .
فاستحيى معاوية واستوى قاعدا واستعذره .
وفي العقد : أنّ مروان بن الحكم قال للحسن بن علي عليهماالسلام بين يدي معاوية : أسرع الشيب إلى شاربك يا حسن ، ويقال : إنّ ذلك من الخرق !
ص: 170
فقال عليه السلام : ليس كما بلغك ، ولكنّا معشر بني هاشم طيّبة أفواهنا ، عذبة شفاهنا ، فنساؤنا يقبلن علينا بأنفاسهن ، وأنتم معشر بني أميّة فيكم بخر(1) شديد ، فنساؤكم يصرفن أفواههن وأنفاسهن إلى أصداغكم ، فإنّما يشيب منكم موضع العذار من أجل ذلك .
قال مروان : أما أنّ فيكم - يا بني هاشم - خصلة سوء ، قال : وما هي ؟ قال : الغلمة(2) .
قال : أجل نزعت من نسائنا ووضعت في رجالنا ، ونزعت الغلمة من رجالكم ، ووضعت في نسائكم ، فما قام لأمويّة إلاّ هاشمي .
ثم خرج يقول :
ومارست هذا الدهر خمسين حجّة
وخمسا أرجّي قابلاً بعد قابل
فما أنا في الدنيا بلغت جسيمها
ولا في الذي أهوى كدحت بطائل
وقد أشرعتني في المنايا أكفّها
وأيقنت أنّي رهن موت معاجل(3)
* * *
وقال الحسن بن علي عليهماالسلام لحبيب بن مسلمة الفهري : ربّ مسير لك في غير طاعة ، قال : أمّا مسيري إلى أبيك فلا !
ص: 171
قال عليه السلام : بلى ، ولكنّك أطعت معاوية على دنيا قليلة ، ولئن كان قام بك في دنياك لقد قعد بك في آخرتك ، فلو كنت إذ فعلت شرّا قلت خيرا كنت كما قال اللّه - عزّ وجلّ - : « خَلَطُوا عَمَلاً صالِحا وَآخَرَ سَيِّئا » ، ولكنّك كما قال : « بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ »(1) .
وقيل لمجنون : الحسن عليه السلام كان أفضل أم الحسين عليه السلام ؟
فقال : الحسن عليه السلام لقوله « رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً » ، ولم يقل حسينة .
قال المرتضى :
وعهدت منك ولاية لمعاشر
لهم المعاد وحكمه والمحشر
قوم لمن شاؤوا هنالك قدّموا
في الفائزين ومن أشاؤا أخّروا
وبحبّهم من في الجنان مخلد
ولأجلهم سقي الظماء الكوثر
* * *
ص: 172
ص: 173
ص: 174
روى أبو علي الجبائي في مسند أبى بكر بن أبي شيبة عن ابن مسعود .
وروى عبد اللّه بن شداد عن أبيه ، وأبو يعلى الموصلي في المسند عن ثابت البناني عن أنس ، وعبد اللّه بن شيبة عن أبيه :
أنّه دعي النبي صلى الله عليه و آله إلى صلاة والحسن متعلّق به ، فوضعه النبي صلى الله عليه و آله مقابل جنبه وصلّى ، فلمّا سجد أطال السجود ، فرفعت رأسي من بين القوم ، فإذا الحسن عليه السلام على كتف رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
فلمّا سلّم قال له القوم : يا رسول اللّه ، لقد سجدت في صلاتك هذه سجدة ما كنت تسجدها ، كأنّما يوحى إليك !
فقال : لم يوح إليّ ، ولكن ابني كان على كتفي ، فكرهت أن أعجله حتى نزل .
وفي رواية عبد اللّه بن شداد : أنّه صلى الله عليه و آله قال : إنّ ابني هذا ارتحلني ، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته(1) .
ص: 175
الحلية بالإسناد عن أبي بكرة قال : كان النبي صلى الله عليه و آله يصلّي بنا ، وهو ساجد ، فيجيء الحسن عليه السلام - وهو صبي صغير - حتى يصير على ظهره أو رقبته ، فيرفعه رفعا رفيقا .
فلمّا صلّى صلاته قالوا : يا رسول اللّه إنّك لتصنع بهذا الصبي شيئا لم تصنعه بأحد ! فقال : إنّ هذا ريحانتي(1) . . الخبر .
وفيها عن أبي هريرة قال : ما رأيت الحسن عليه السلام قطّ إلاّ فاضت عيناي دموعا(2) ، وذلك أنّه أتى يوما يشتدّ حتى قعد في حجر رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فجعل يقول بيده هكذا في لحية رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، يفتح فمه ثم يدخل فيه ويقول : اللّهم إنّي أحبّه ، فأحبّه وأحبّ من يحبّه ، يقولها ثلاث مرات(3) .
وفيها عن البراء بن عازب قال : رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله واضعا للحسن على عاتقه ، فقال : من أحبّني فليحبّه(4) .
سنن ابن ماجة ، وفضائل أحمد : روى نافع عن ابن جبير عن أبي هريرة : أنّه صلى الله عليه و آله قال : اللّهم إنّي أحبّه ، فأحبّه وأحبّ من يحبّه ، قال : وضمّه إلى صدره(5) .
ص: 176
مسند أحمد عن أبي هريرة : قال النبي صلى الله عليه و آله وقد جاءه الحسن عليه السلام ، وفي عنقه السخاب(1) ، فالتزمه رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، والتزم هو رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وقال : إنّي أحبّه ، فأحبّه وأحبّ من يحبّه ، ثلاث مرات(2) .
أخرجه ابن بطّة بروايات كثيرة .
وعن أبي قتادة : أنّ النبي صلى الله عليه و آله قبّل الحسن وهو يصلّي .
الخدري : أنّ الحسن عليه السلام جاء والنبي صلى الله عليه و آله يصلّي ، فأخذ بعنقه وهو جالس ، فقام النبي صلى الله عليه و آله وإنّه ليمسك بيديه حتى ركع .
فضائل عبد الملك : قال أبو هريرة : كان النبي صلى الله عليه و آله يقبّل الحسن عليه السلام ، فقال الأقرع بن حابس : إنّ لي عشرة من الولد ما قبّلت أحدا منهم ، فقال صلى الله عليه و آله : من لا يرحم لا يرحم(1) .
مسند العشرة ، وإبانة العكبري ، وشرف النبي صلى الله عليه و آله ، وفضائل السمعاني ، وقد تداخلت الروايات بعضها في بعض ، عن عمير بن إسحاق قال : رأيت أبا هريرة في طريق قال للحسن بن علي عليه السلام : أرني الموضع الذي قبّله النبي صلى الله عليه و آله ، قال : فكشف عن بطنه فقبّل سرّته(2) .
الواعظ في شرف النبي صلى الله عليه و آله ، والسمعاني في فضائل الصحابة ، وجماعة من أصحابنا في كتبهم عن هاني بن هاني عن أمير المؤمنين عليه السلام ، وعن علي بن الحسين عليهماالسلام ، وعن أسماء بنت عميس ، واللّفظ لها ، قالت :
ص: 178
لمّا ولدت فاطمة الحسن عليهماالسلام جاءني النبي صلى الله عليه و آله ، فقال : يا أسماء هاتي ابني ، فدفعته إليه في خرقة صفراء ، فرمى بها وقال : يا أسماء ، ألم أعهد إليكم أن لا تلفّوا المولود في خرقة صفراء .
فلففته في خرقة بيضاء ودفعته إليه ، فأذّن في أذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى ، ثم قال لعلي عليه السلام : أيّ شيء سمّيت ابني هذا ؟ قال : ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول اللّه ، وقد كنت أحبّ أن أسمّيه حربا(1) !
فقال : أنا لا أسبق باسمه ربّي .
ثم هبط جبرئيل عليه السلام فقال : السلام عليك يا محمد ، العلي الأعلى يقرؤك السلام ويقول : علي منك بمنزلة هارون من موسى ، ولا نبي بعدك ، سمّ ابنك هذا باسم ابن هارون ، قال : وما اسم ابن هارون يا جبرئيل ؟ قال : شبر .
قال : لساني عربي ، قال : سمّه « الحسن » ، فسمّاه الحسن .
فلمّا كان يوم سابعه عقّ عنه بكبشين أملحين ، وأعطى القابلة فخذا ، وحلق رأسه ، وتصدّق بوزن الشعر ورقا ، وطلى رأسه بالخلوق ، ثم قال : يا أسماء الدم فعل الجاهلية .
قالت : فلمّا ولد الحسين فعل مثل ذلك(2) .
ص: 179
الباقر عليه السلام : فوزنه ، فكان وزنه درهما ونصفا ، يعني شعر الحسن(1) عليه السلام
وقت الولادة(2) .
أبو هريرة ، وابن عباس ، والصادق عليه السلام : إنّ فاطمة عليهاالسلام عادت رسول اللّه صلى الله عليه و آله عند مرضه الذي عوفي منه ، ومعها الحسن والحسين عليهماالسلام ، فأقبلا يغمزان ممّا يليهما من يد رسول اللّه صلى الله عليه و آله حتى اضطجعا على عضديه وناما .
فلمّا انتبها خرجا في ليلة ظلماء مدلهمّة(3) ذات رعد وبرق ، وقد أرخت السماء عزاليها ، فسطع لهما نور فلم يزالا يمشيان في ذلك النور ويتحدّثان حتى أتيا حديقة بني النجار ، فاضطجعا وناما .
فانتبه النبي صلى الله عليه و آله من نومه وطلبهما في منزل فاطمة عليهاالسلام ، فلم يكونا فيه ، فقام على رجليه وهو يقول :
إلهي وسيّدي ومولاي ، هذان شبلاي خرجا من المخمصة والمجاعة ، اللّهم أنت وكيلي عليهما ، اللّهم إن كانا أخذا برّا أو بحرا ، فاحفظهما وسلّمهما .
ص: 180
فنزل جبرئيل عليه السلام وقال : إنّ اللّه يقرؤك السلام ويقول لك : لا تحزن ولا تغتمّ لهما ، فإنّهما فاضلان في الدنيا والآخرة ، وأبوهما أفضل منهما ، هما نائمان في حديقة بني النجار ، وقد وكّل اللّه بهما ملكا .
فسطع للنبي صلى الله عليه و آله نور ، فلم يزل يمضي في ذلك النور حتى أتى حديقة بنى النجار ، فإذا هما نائمان ، والحسن عليه السلام معانق الحسين عليهماالسلام ، وقد تقشّعت السماء فوقهما كطبق ، وهي تمطر كأشدّ مطر ، وقد منع اللّه المطر منهما ، وقد اكتنفتهما حيّة لها شعرات - كآجام(1) القصب - وجناحان : جناح قد غطّت
به الحسن عليه السلام ، وجناح قد غطّت به الحسين ، فانسابت الحيّة ، وهي تقول : اللّهم إنّي أشهدك وأشهد ملائكتك ، أنّ هذين شبلا نبيك قد حفظتهما عليه ، ودفعتهما إليه سالمين صحيحين .
فمكث النبي صلى الله عليه و آله يقبّلهما حتى انتبها ، فلمّا استيقظا حمل النبي صلى الله عليه و آله
الحسن عليه السلام ، وحمل جبرئيل الحسين عليه السلام ، فقال أبو بكر : ادفعهما الينا فقد أثقلاك ، فقال : أمّا أحدهما على جناح جبرئيل عليه السلام ، والآخر على جناح ميكائيل عليه السلام .
فقال عمر : ادفع إليّ أحدهما أخفّف عنك ، فقال : امض ، فقد سمع اللّه كلامك ، وعرف مقامك .
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : ادفع إليّ أحد شبلي وشبليك ، فالتفت إلى الحسن عليه السلام فقال : يا حسن ، هل تمضي إلى كتف أبيك ؟ فقال : واللّه يا جدّاه إنّ كتفك أحبّ إليّ من كتف أبي .
ص: 181
ثم التفت إلى الحسين عليه السلام فقال : يا حسين ، تمضي إلى كتف أبيك ؟ فقال : أنا أقول كما قال أخي ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : نعم المطيّة مطيّتكما ، ونعم الراكبان أنتما(1) .
فلمّا أتى المسجد قال : واللّه - يا حبيبيّ - لأشرّفنكما بما شرّفكما اللّه ، ثم أمر مناديا ينادي في المدينة ، فاجتمع الناس في المسجد .
فقام وقال : يا معشر الناس ، ألا أدلّكم على خير الناس جدّا وجدّة ؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه .
قال : الحسن والحسين عليهماالسلام ، فإنّ جدّهما محمد صلى الله عليه و آله ، وجدّتهما خديجة عليهاالسلام .
ثم قال : يا معشر الناس ، ألا أدلّكم على خير الناس أمّا وأبا ؟ وهكذا عمّا وعمّة ، وخالاً وخالة(2) .
وقد روى الخركوشي في شرف النبي صلى الله عليه و آله عن هارون الرشيد عن آبائه عن ابن عباس هذا المعنى(3) ، فنظمه الصقر البصري :
هذا ابن خلاد روى عن شيخه
أعني به أبا سويد الدارعا
ممّا روى المأمون أنّ رشيدهم
يروي عن الهادي حديثا شائعا
ممّا روى المهدي عن منصورهم
عن ابن عباس الأديب البارعا
ص: 182
حتى اجتمعنا عند أكرم مرسل
يوما وكان الوقت وقتا جامعا
فأتته فاطمة البتول وعينها
من حرقة تنهلّ دمعا هامعا(1)
فارتاع والدها لفرط بكائها
لمّا استبان الأمر منها رائعا
فبكى وقال فداك أحمد ما الذي
يبكيك ما ألقاك ربّك فاجعا
قالت فقدت ابنيّ يا أبتا وقد
صادفت فقدهما لقلبي صادعا
فشجاه ما ذكرت فأقبل ساعة
متململاً يدعو المهيمن ضارعا
فإذا المطوّف جبرئيل مناديا
ببشارة من ذي الجلال مسارعا
اللّه يقرؤك السلام بجوده
ويقول لا تك يا حبيبي جازعا
أدركهما بحديقة النجار قد
لعبا وقد نعسا بها وتضاجعا
أرسلت من خدم الكرام اليهما
ملكا شفيقا للمكاره دافعا
غطّاهما منه جناحا وانثنى
بالرفق فوقهما وآخر واضعا
فأتاهما خير البريّة فاغتدى
بهما على كتفيه جهرا رافعا
فأتاه ذو ملق ليحمل واحدا
عنه فقال له وراءك راجعا
نعم المطيّ مطيّة حملتهما
منّي ونعم الراكبان هما معا
وأبوهما خير وأفضل منهما
شرفا لعمرك في المزيّة شافعا
* * *
ص: 183
ص: 184
ص: 185
ص: 186
ولد الحسن عليه السلام بالمدينة ليلة النصف من شهر رمضان ، عام أحد ، سنة ثلاث من الهجرة .
وقيل : سنة إثنين .
وجاءت فاطمة عليهاالسلام إلى النبي صلى الله عليه و آله يوم السابع من مولده في خرقة من
حرير الجنّة ، وكان جبرئيل عليه السلام نزل بها إلى النبي صلى الله عليه و آله ، فسمّاه « حسنا » ، وعقّ عنه كبشا(1) .
فعاش مع جدّه سبع سنين وأشهرا .
وقيل : ثمان سنين .
ومع أبيه ثلاثين سنة ، وبعده تسع سنين .
وقالوا : عشر سنين(2) .
وكان ربع القامة ، وله محاسن كثّة .
وأصحابه أصحاب أبيه .
ص: 187
ونوّابه : قيس بن ورقاء المعروف ب-« سفينة(1) » ، ورشيد الهجري .
ويقال : وميثم الثمار .
وبويع بعد أبيه ، يوم الجمعة الحادي والعشرين من شهر رمضان في سنة أربعين(2) .
وكان أمير جيشه : عبيد اللّه بن العباس ، ثم قيس بن[ سعد بن ]عبادة(3).
وكان عمره لمّا بويع سبعا وثلاثين سنة .
فبقي في خلافته أربعة أشهر وثلاثة أيام ، ووقع الصلح بينه وبين معاوية في سنة إحدى وأربعين(4) .
وخرج الحسن عليه السلام إلى المدينة ، فأقام بها عشر سنين(5) .
وسمّاه اللّه - تعالى - الحسن .
وسمّاه في التوراة شبرا .
ص: 188
وكنيته : أبو محمد ، وأبو القاسم .
وألقابه : السيّد ، والسبط ، والأمير ، والحجّة ، والبرّ ، والتقي ، والأثير ،
والزكي ، والمجتبى ، والسبط الأوّل ، والزاهد .
وأمّه : فاطمة بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
وظلّ مظلوما ، ومات مسموما ، وقبض بالمدينة بعد مضي عشر سنين من ملك معاوية ، فكان في سنيّ إمامته أوّل ملك معاوية .
فمرض أربعين يوما ، ومضى لليلتين بقيتا من صفر سنة خمسين من الهجرة .
وقيل : سنة تسع وأربعين(1) .
وعمره : سبعة وأربعون سنة وأشهر .
وقيل : ثمان وأربعون .
ص: 189
وقيل : في سنة تمام خمسين من الهجرة .
وكان بذل معاوية لجعدة بنت محمد الأشعث الكندي - وهي ابنة أمّ فروة أخت أبي بكر بن أبي قحافة - عشرة آلاف دينار ، وإقطاع عشرة ضياع من سقي سوراء وسواد الكوفة ، على أن تسمّ الحسن عليه السلام .
وتولّى الحسين عليه السلام تغسيله وتكفينه ودفنه .
وقبره بالبقيع عند جدّته فاطمة بنت أسد عليهاالسلام .
وأولاده ثلاثة عشر ذكرا وابنة واحدة :
عبد اللّه ، وعمر ، والقاسم ، أمّهم أم ولد .
والحسين الأثرم ، والحسن ، أمّهما خولة بنت منظور الفزارية .
وعقيل ، والحسن ، أمّهما أم بشير بنت أبي مسعود الخزرجية .
وزيد ، وعمر من الثقفية ، وعبد الرحمن من أم ولد .
وطلحة ، وأبو بكر ، أمّهما أمّ إسحاق بنت طلحة التميمي .
وأحمد ، وإسماعيل ، والحسن الأصغر .
ابنته : أمّ الحسن فقط عند عبد اللّه .
ويقال : وأمّ الحسين ، وكانتا من أمّ بشير الخزاعية .
ص: 190
وفاطمة من أمّ إسحاق بنت طلحة .
وأمّ عبد اللّه ، وأمّ سلمة ، ورقيّة ، لأمّهات أولاد(1) .
وقتل مع الحسين عليه السلام من أولاده : عبد اللّه ، والقاسم ، وأبو بكر .
والمعقّبون من أولاده إثنان : زيد بن الحسن ، والحسن بن الحسن .
أبو طالب المكي في قوت القلوب : أنّه عليه السلام تزوّج مائتين وخمسين امرأة !!!
وقيل : ثلاثمائة !!!
وكان علي عليه السلام يضجر من ذلك !!! فكان يقول في خطبته : إنّ الحسن مطلاق فلا تنكحوه(2) !!!
أبو عبد اللّه المحدّث في رامش أفزاي : إنّ هذه النساء كلّهن خرجن خلف جنازته حافيات !!!(3)
ص: 191
البخاري : لمّا مات الحسن بن الحسن بن علي عليهماالسلام ضربت امرأته القبّة على قبره سنة ، ثم رفعت .
فسمعوا صائحا يقول : هل وجدوا ما فقدوا ؟ فأجابه آخر : بل يئسوا فانقلبوا .
وهي بنت عمّه فاطمة بنت الحسين(1) عليهماالسلام - وفي رواية : غيرها - أنّها أنشدت بيت لبيد :
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما
ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر
* * *
قال السيّد المرتضى :
يا آل خير عباد اللّه كلّهم
ومن له مثل أعناق الورى المنن
كم تثلمون بأيدي الناس كلّهم
وكم تعرس فيكم دهرها المحن
وكم يذودونكم عن حقّكم حنقا
ممليء الصدر بالأحقاد مضطغن
إنّ الذين نضوا(2) عنكم تراثكم
لم يغبنوكم ولكن دينهم غبنوا
ص: 192
باعوا الجنان بدار لا بقاء لها
وليس للّه فيما باعه ثمن
أحبّكم والذي صلّى الحجيج له
عند البناء الذي تهدن له البدن
وأرتجيكم لما بعد الممات إذا
وارى عن الناس جمعا أعظم الجنن
وإن يضلّ أناس عن سبيلهم
فليس لي غير ما أنتم به سنن
وما أبالي إذا ما كنتم وضحا
لناظريّ أضاء الخلق أم دجنوا(1)
وأنتم يوم أرمي ساعدي ويدي
وأنتم يوم يرميني العدى الجنن(2)
* * *
وقال أبو عباس الضبّي :
حبّ النبي أحمد
والآل فيه مجتري
أحنو عليهم ما حنا
على حياتي عمري
أعدّهم لمفخري
أعدّهم لمحشري
وكلّ وزري محبط
ما دام فيه وزري
وردي إليهم صاديا
وليس عنهم صدري
لعائن اللّه على
من ضلّ فيهم أثري
لعائنا تتركهم
معالما للخبر
* * *
ص: 193
ص: 194
ص: 195
ص: 196
لمّا مات أمير المؤمنين عليه السلام خطب الحسن عليه السلام بالكوفة ، فقال :
أيّهاالناس، إنّ الدنيا دار بلاء وفتنة، وكلّ ما فيها فإلى زوال واضمحلال.
فلمّا بلغ إلى قوله : وإنّي أبايعكم على أن تحاربوا من حاربت ، وتسالموا
من سالمت .
فقال الناس : سمعنا وأطعنا ، فمرنا بأمرك يا إمام المؤمنين .
فأقام بها شهرين .
قال أبو مخنف : قال ابن عباس كلاما فيه : فشمّر في الحرب ، وجاهد عدوّك ، ودار أصحابك ، واستر من الضنين دينه بما لا ينثلم لك دين ، وولّ أهل البيوتات والشرف ، والحرب خدعة ، وعلمت أنّ أباك إنّما رغب الناس عنه وصاروا إلى معاوية !! لأنّه آسى بينهم في العطاء !
فرتّب عليه السلام العمال ، وأنفذ عبد اللّه إلى البصرة ، فقصد معاوية نحو العراق ، فكتب إليه الحسن عليه السلام :
ص: 197
أمّا بعد ، فإنّ اللّه - تعالى - بعث محمدا رحمة للعالمين ، فأظهر به الحقّ ، وقمع به الشرك ، وأعزّ به العرب عامّة ، وشرّف من شاء منها خاصّة ، فقال « وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ » .
فلمّا قبضه اللّه - تعالى - تنازعت العرب الأمر من بعده ، فقالت الأنصار : منّا أمير ومنكم أمير ، فقالت قريش : نحن أولياؤه وعشيرته ، فلا تنازعونا سلطانه ، فعرفت العرب ذلك لقريش ، ثم جاحدتنا قريش ما عرفته العرب لهم ، وهيهات ما أنصفتنا قريش . . الكتاب .
فأجابه معاوية على يدي جندب الأزدي موصل كتاب الحسن عليه السلام :
فهمت ما ذكرت به محمدا صلى الله عليه و آله ، وهو أحقّ الأوّلين والآخرين بالفضل كلّه ، وذكرت تنازع المسلمين الأمر من بعده ، فصرحت بنميمة فلان وفلان وأبي عبيدة وغيرهم ، فكرهت ذلك لك ، لأنّ الأمّة قد علمت أنّ قريشا أحقّ بها ، وقد علمت ما جرى من أمر الحكمين ، فكيف تدعوني إلى أمر إنّما تطلبه بحقّ أبيك ، وقد خرج أبوك منه(1) .
ثم كتب : أمّا بعد ، فإنّ اللّه يفعل في عبادة من يشاء « لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ » ، فاحذر أن تكون منيّتك على يدي رعاع الناس ، وآيس من أن تجد فينا غميزة ، وإن أنت أعرضت عمّا أنت فيه وبايعتني وفيت لك بما وعدت ، وأجزت لك ما شرطت ، وأكون في ذلك كما قال أعشى بن قيس :
ص: 198
وإن أحد أسدى إليك كرامة
فأوف بما يدعى إذا متّ وافيا
فلا تحسدوا المولى إذا كان ذا غنى
ولا تجفه إن كان للمال نائيا
* * *
ثم الخلافة لك بعدي ، وأنت أولى الناس بها .
وفي رواية : ولو كنت أعلم أنّك أقوى للأمر ، وأضبط للناس ، وأكبت للعدو ، وأقوى على جمع الأموال منّي لبايعتك !!! لأنّني أراك لكلّ خير أهلاً .
ثم قال : إنّ أمري وأمرك شبيه بأمر أبي بكر وأبيك بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
فأجابه الحسن عليه السلام :
أمّا بعد ، فقد وصل إليّ كتابك تذكر فيه ما ذكرت ، وتركت جوابك خشية البغي ، وباللّه أعوذ من ذلك ، فاتبع الحقّ ، فإنّك تعلم من أهله ، وعليّ إثم أن أقول فأكذب(1) .
واستنفر معاوية الناس ، فلمّا بلغ جسر منبج(2) بعث الحسن عليه السلام حجر بن عدي ، واستنفر الناس للجهاد فتثاقلوا ، ثمّ خفّ معه أخلاط من شيعته
ص: 199
ومحكّمة وشكّاك ، وأصحاب عصبية وفتن ، حتى أتى « حمام عمر(1) » ، ثم أخذ على دير كعب ، فنزل ساباط .
فلمّا أصبح نودي بالصلاة جامعة ، فاجتمعوا ، فصعد المنبر فخطب وقال تجربة لهم :
أمّا بعد ، فواللّه ، إنّي لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد اللّه ومنّه وأنا أنصح خلق اللّه لخلقه ، وما أصبحت محتملاً على مسلم ضغينة ، ولا مريدا له بسوء ولا غائلة .
ألا ، وإنّ ما تكرهون في الجماعة خير لكم ممّا تحبّون في الفرقة .
ألا ، وإنّي ناظر لكم خير من نظركم لأنفسكم ، ولا تخالفوا أمري ، ولا تردّدوا على رأيي ، غفر اللّه لي ولكم ، وأرشدني وإياكم لما فيه المحبّة والرضا .
فقالوا : واللّه يريد أن يصالح معاوية ، ويسلّم الأمر إليه ، كفر - واللّه - الرجل كما كفر أبوه !!
فانتهبوا فسطاطه حتى أخذوا مصلاّه من تحته ، ونزع مطرفه(2) عبد الرحمن بن جعال الأزدي ، وطعنه جراح بن سنان الأسدي في فخذه ،
ص: 200
وقتل الجراح عبد اللّه بن خطل الطائي وظبيان بن عمارة ، فأطاف به ربيعة وهمدان ، وهو على سرير ، حتى أنزل على سعد بن مسعود الثقفي(1) .
وكتب جماعة من رؤساء القبائل إلى معاوية بالطاعة له في السرّ ، واستحثّوه على المسير نحوهم ، وضمنوا له تسليم الحسن عليه السلام إليه عند دنوّه من عسكره .
وورد عليه كتاب قيس بن سعد - وكان[ قد ] أنفذه مع عبيد اللّه بن العباس عند مسيره من الكوفة ليلقى معاوية ، وجعله أميرا ، وبعده قيس بن سعد - يخبر أنّهم نازلوا معاوية بالحنونية ، وأنّ معاوية أرسل إلى عبيد اللّه يرغّبه في المصير إليه ، وضمن له ألف ألف درهم يعجّل له منها النصف ، والنصف الآخر عند دخوله الكوفة ، فانسل عبيد اللّه إلى معاوية في الليل في خاصّته .
وصلّى بهم قيس ، وقال فيه ما قال ، وكان يغرّه معاوية ، فقال لجنده : اختاروا أحد إثنين أمّا القتال مع الإمام ، أو تبايعون بيعة ضلال ، فاختاروا الحرب ، فحاربوا معاوية ، فقال معاوية : إنّ الحسن يصالحني فما هذا القتال(2) ؟!
ص: 201
فكان أهل العراق يستأمنون معاوية ، ويدخلون عليه قبيلة بعد قبيلة ، فازدادت بصيرة ! الحسن عليه السلام بنياتهم ، إذ كتب إليه معاوية في الصلح ، وأنفذ بكتب أصحابه ، واشترط له على نفسه شروطا وعقودا ، فعلم الحسن عليه السلام احتياله واغتياله غير أنّه لم يجد بدّا من إجابته ، فقال الحسين عليه السلام : يا أخي أعيذك باللّه من هذا(1) !! فأبى(2) .
وأنفذ إلى معاوية عبد اللّه بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، فتوثّق منه لتأكيد الحجّة :
أن يعمل فيهم بكتاب اللّه وسنّة نبيّه .
والأمر من بعده شورى .
وأن يترك سبّ علي عليه السلام .
وأن يؤمّن شيعته ، ولا يتعرّض لأحد منهم .
ويوصل إلى كلّ ذي حقّ حقّه .
ص: 202
ويوفّر عليه حقّه كلّ سنة خمسون ألف(1) درهم .
فعاهده على ذلك معاوية ، وحلف بالوفاء به ، وشهد بذلك عبد الرحمن بن الحارث ، وعمرو بن أبي سلمة ، وعبد اللّه بن عامر بن كريز ، وعبد الرحمن بن أبي سمرة ، وغيرهم .
فلمّا سمع ذلك قيس بن سعد قال :
أتاني بأرض العال من أرض مسكن
بأنّ إمام الحقّ أضحى مسالما
فما زلت مذ بيّنته متلدّدا(2)
أراعي نجوما خاشع القلب واجما(3)
* * *
وروي أنّه قال الحسن عليه السلام في صلح معاوية :
أيّها الناس ، إنّكم لو طلبتم ما بين جابلقا وجابرصا رجلاً جدّه رسول اللّه صلى الله عليه و آله ما وجدتم غيري وغير أخي ، وإنّ معاوية نازعني حقّا هو لي ، فتركته لصلاح الأمّة ، وحقن دمائها ، وقد بايعتموني على أن تسالموا من سالمت ، وقد رأيت أن أسالمه ، وأن يكون ما صنعت حجّة على من
ص: 203
كان يتمنّى هذا الأمر « وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ »(1) .
وفي رواية : إنّما هادنت حقنا للدماء وصيانتها ، وإشفاقا على نفسي وأهلي والمخلصين من أصحابي(2) .
وروي أنّه عليه السلام قال : يا أهل العراق ، إنّما سخى عليكم(3) بنفسي ثلاث : قتلكم أبي ، وطعنكم إياي ، وانتهابكم متاعي(4) .
قال ابن طوطي الواسطي :
لقد باع دنياهم بدين معاشر
متى ما تبع دنياك بالدين يشتروا
فإن قال قوم كان في البيع خاسر
فللمشتري دنياه بالدين أخسر
* * *
وقال محمد بن منصور :
السيّد الحسن الذي فاق الورى
علما وحلما سيّد الشبّان
رقّت طبيعته فجاد بإمرة
لمّا التوى وتجاذب الفتيان
حقن الدماء لأمّة مرحومة
علما بما يأتي من الفتنان
* * *
ص: 204
ودخل الحسين عليه السلام على أخيه باكيا ، ثم خرج ضاحكا ، فقال له مواليه : ما هذا ؟
قال : أتعجّب من دخولي على إمام أريد أن أعلّمه !!
فقلت : ماذا دعاك إلى تسليم الخلافة ! فقال : الذي دعا أباك فيما تقدّم(1) .
قال : فطلب معاوية البيعة من الحسين عليه السلام ، فقال الحسن عليه السلام : يا معاوية لا تكرهه ، فإنّه لن يبايع أبدا أو يقتل ، ولن يقتل حتى يقتل أهل بيته ، ولن يقتل أهل بيته حتى يقتل أهل الشام(2) .
قال : فنزل معاوية يوم الجمعة بالنخيلة(3) ، فصلّى بالناس ضحى النهار ، وقال في خطبته : إنّي - واللّه - ما قاتلتكم لتصلّوا ولا تصوموا ولا تحجّوا ولا تزكّوا ، إنّكم لتفعلون ذلك ، ولكنّي قاتلتكم لا تأمّر عليكم ،
ص: 205
وقد أعطاني اللّه ذلك ، وأنتم له كارهون(1) .
وإنّي منّيت الحسن ، وأعطيته أشياء ، وجميعها تحت قدمي ، ولا أفي بشيء منها(2) !
قال الأصفهاني :
وتجنّبوا ولد الرسول وصيّروا
عهد الخلافة في يدي خوّان
فطوى محاسنها وأوسع أهلها
منع الحقوق وواجب السمعان
* * *
وقال المسيب بن نجبة الفزاري وسليمان بن صرد الخزاعي للحسن بن علي عليهماالسلام : ما ينقضي تعجّبنا منك !! بايعت معاوية ومعك أربعون ألف مقاتل من الكوفة سوى أهل البصرة والحجاز !!
فقال الحسن عليه السلام : كان ذلك ، فما ترى الآن ؟
فقال : واللّه ، أرى أن ترجع ، لأنّه نقض العهد ، فقال : يا مسيب ، إنّ الغدر لا خير فيه ، ولو أردت لما فعلت .
ص: 206
فقال حجر بن عدي : أما - واللّه - لوددت أنّك متّ في ذلك اليوم ومتنا معك ، ولم نر هذا اليوم ، فإنّا رجعنا راغمين بما كرهنا ، ورجعوا مسرورين بما أحبّوا(1)(2) !!!
فلمّا خلا به الحسن عليه السلام قال : يا حجر ، قد سمعت كلامك في مجلس معاوية ، وليس كلّ إنسان يحبّ ما تحبّ ، ولا رأيه كرأيك ، وإنّي لم أفعل ما فعلت إلاّ إبقاءا عليكم ، واللّه - تعالى - « كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ »(3) .
وأنشأ عليه السلام لمّا اضطر إلى البيعة :
أجامل أقواما حياء ولا أرى
قلوبهم تغلي عليّ مراضها(4)
ص: 207
وله عليه السلام :
لئن ساءني دهر عزمت تصبّرا
وكلّ بلاء لا يدوم يسير
وإن سرّني لم أبتهج بسروره
وكلّ سرور لا يدوم حقير
* * *
تفسير الثعلبي ، ومسند الموصلي ، وجامع الترمذي ، واللّفظ له ، عن يوسف بن مازن الراسبي : أنّه لمّا صالح الحسن بن علي عليهماالسلام عذل ، وقيل له : يا مذلّ المؤمنين ، ومسود الوجوه(1) !!!
فقال : لا تعذلوني ، فإنّ فيها مصلحة .
ولقد رأى النبي صلى الله عليه و آله في منامه يخطب بنو أمية واحدا بعد واحد فحزن ،
ص: 208
فنزل جبرئيل عليه السلام بقوله : « إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ » و « إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ » .
وفي خبر عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، فنزل : « أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ » إلى قوله « يُمَتَّعُونَ » ، ثم أنزل « إِنّا أَنْزَلْناهُ » يعني جعل اللّه ليلة القدر لنبيّه خيرا من ألف شهر ملك بني أميّة(1) .
وعن سعيد بن يسار ، وسهل بن سهل : إنّ النبي صلى الله عليه و آله رأى في منامه أنّ قرودا تصعد في منبره وتنزل ، فساءه ذلك واغتمّ به ، ولم ير بعد ذلك ضاحكا حتى مات(2) .
وهو المروي عن جعفر بن محمد عليهماالسلام .
مسند الموصلي : أنّه رأى في منامه خنازير تصعد في منبره(3) . . الخبر .
وقال أبو القاسم ابن الفضل الحراني : عددنا ملك بني أميّة ، فكان ألف شهر(4) .
ص: 209
قال شاعر :
لو أنّهم أمنوا أبدوا عداوتهم
لكنّهم قمعوا بالذلّ فانقمعوا
أليس في ألف شهر قد مضت لهم
سقوكم جزعا من بعدها جزع
* * *
قال : فلمّا دخل معاوية الكوفة ، وذكر عليا عليه السلام ، فنال منه ومن الحسن والحسين عليهم السلام ، فقال الحسن عليه السلام :
أيّها الذاكر عليا ! أنا الحسن وأبي علي ، وأنت معاوية وأبوك صخر ، وأمّي فاطمة ، وأمّك هند ، وجدّي رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وجدّك حرب ، وجدّتي خديجة ، وجدّتك قبيلة ، فلعنة اللّه على أخملنا ذكرا ، وألئمنا حسبا ، وشرّنا قوما ، وأقدمنا كفرا ونفاقا(1) .
قال محمد بن الحسن الكلاعي الحميري :
من جدّه خيرة البرايا
إن عدد الفاخر العلاء
ومن أبوه الوصيّ أعلى
من دخل الجنّة اعتلاء
إذ شتت الشرك واستنارت
دلائل تكشف العماء
وأمّه فضلت ففاقت
بفضلها في الورى النساء
وعمّه في الجنان أضحى
يطير منهن حيث شاء
هذا وأعظم بجدّتيه
فضلاً وأوسعهما نداء
ص: 210
وقال نصر بن المنتصر :
من ذا يدانيه إذا قيل له
من قاب قوسين من اللّه دنا
سادت نساء العالمين أمّه
وساد في الخلد أبوه المرتجى
نجل نبي العالمين المصطفى
وابن أمير المؤمنين المرتضى
من ذا له جدّ تعالى ذكره
باللّه مقرونا إذا قام الندا
من كالنبيّ والوصيّ والده
وزوجه وابنيه أصحاب العبا
* * *
وقال ابن طوطي :
بنفسي نفسا بالبقيع تغيب
ونور هدى في قبره ظلّ يقبر
إمام هدى عفّ الخلائق ماجد
تقيّ نقيّ ذو عفاف مطهر
أشدّ عباد اللّه بأسا لدى الوغى
وأجلى لكشف الأمر وهو معسر
وأزهد في الدنيا وأطيب محتدا
وأطعن دون المحصنات وأغير
* * *
ص: 211
ص: 212
ص: 213
ص: 214
الصادق عليه السلام : إنّ أمير المؤمنين عليه السلام كتب لابنه الحسن عليه السلام بعد انصرافه من صفين :
أمّا بعد ، فإنّي وجدتك بعضي ، بل وجدتك كلّي ، حتى كأنّ شيئا أصابك أصابني ، وكأنّ الموت لو أتاك أتاني ، فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي ، فكتبت لك كتابي هذا ، إن أنا بقيت أو فنيت ، فإنّي أوصيك بتقوى اللّه - عزّ وجلّ - ولزوم أمره ، وعمارة قلبك بذكره ، والاعتصام بحبله(1)(2) . . . وذكر الوصيّة .
ص: 215
ص: 216
ص: 217
ص: 218
ص: 219
ص: 220
ص: 221
ص: 222
ونادى عبد اللّه بن عمر للحسن بن علي عليهماالسلام في أيام صفين وقال : إنّ لي نصحة ، فلمّا برز إليه ، قال : إنّ أباك بغضه لعنة ، وقد خاض في دم عثمان ، فهل لك أن تخلعه نبايعك ، فأسمعه الحسن عليه السلام ما كرهه ، فقال معاوية : إنّه ابن أبيه(1) .
ص: 223
وفي الإحياء : أنّه خطب الحسن بن علي عليهماالسلام إلى عبد الرحمن بن الحارث بنته ، فأطرق عبد الرحمن ، ثم رفع رأسه فقال : واللّه ما على وجه الأرض من يمشي عليها أعزّ عليّ منك ، ولكنك تعلم أنّ ابنتي بضعة منّي ، وأنت مطلاق ! فأخاف أن تطلّقها ، وإن فعلت خشيت أن يتغيّر قلبي عليك ، لأنّك بضعة من رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فإن شرطت أن لا تطلّقها زوجتك .
ص: 224
فسكت الحسن عليه السلام وقام وخرج ، فسمع منه يقول : ما أراد عبد الرحمن إلاّ أن يجعل ابنته طوقا في عنقي(1) .
وروى محمد بن سيرين : أنّه خطب الحسن عليه السلام إلى منظور بن ريان ابنته « خولة » ، فقال : واللّه إنّي لأنكحك ، وإنّي لأعلم أنّك غلق طلق ملق(2) !! غير أنّك أكرم العرب بيننا ، وأكرمهم نفسا(3) ، فولد منها الحسن بن الحسن(4) .
ورأى يزيد امرأة عبد اللّه بن عامر أم خالد بنت أبي جندل ، فهام بها ، وشكا ذلك إلى أبيه .
فلمّا حضر عبد اللّه عند معاوية قال له : لقد عقدت لك على ولاية البصرة ، ولولا أنّ لك زوجة لزوّجتك رملة .
ص: 225
فمضى عبد اللّه وطلّق زوجته طمعا في رملة ، فأرسل معاوية أبا هريرة ليخطب أم خالد ليزيد ابنه ، وبذل لها ما أرادت من الصداق ، فاطلع الحسن والحسين عليهماالسلام وعبد اللّه بن جعفر ، فاختارت الحسن عليه السلامفتزوّجها(1)(2) .
عبد الملك بن عمير ، والحاكم ، والعباس قالوا : خطب الحسن عليه السلام عائشة بنت عثمان ، فقال مروان : أزوّجها عبد اللّه بن الزبير .
ثم إنّ معاوية كتب إلى مروان - وهو عامله على الحجاز - يأمره أن يخطب أمّ كلثوم بنت عبد اللّه بن جعفر لابنه يزيد ، فأبى عبد اللّه بن جعفر ، فأخبره بذلك ، فقال عبد اللّه : إنّ أمرها ليس إليّ ، إنّما هو إلى سيدنا الحسين عليه السلام ، وهو خالها .
فأخبر الحسين عليه السلام بذلك ، فقال : أستخير اللّه تعالى ، اللّهم وفّق لهذه الجارية رضاك من آل محمد صلى الله عليه و آله .
فلمّا اجتمع الناس في مسجد رسول اللّه صلى الله عليه و آله أقبل مروان حتى جلس إلى الحسين عليه السلام ، وعنده من الجلّة وقال : إنّ أمير المؤمنين ! أمرني بذلك ، وأن أجعل مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ ، مع صلح ما بين هذين الحيين ،
ص: 226
مع قضاء دينه ، واعلم أنّ من يغبطكم بيزيد أكثر ممّن يغبطه بكم !! والعجب كيف يستمهر يزيد ، وهو كفو من لا كفو له ، وبوجهه يستسقى الغمام !!! فردّ خيرا يا أبا عبد اللّه .
فقال الحسين عليه السلام : الحمد للّه الذي اختارنا لنفسه ، وارتضانا لدينه ، واصطفانا على خلقه . . إلى آخر كلامه .
ثم قال : يا مروان ، قد قلت فسمعنا :
أمّا قولك « مهرها حكم أبيها بالغا ما بلغ » فلعمري لو أردنا ذلك ما عدونا سنّة رسول اللّه صلى الله عليه و آله في بناته ونسائه وأهل بيته ، وهو اثنتا عشرة أوقية ، يكون أربعمائة وثمانين درهما .
وأمّا قولك « مع قضاء دين أبيها » فمتى كنّ نساؤنا يقضين عنّا ديوننا .
وأمّا صلح ما بين هذين الحيين ، فإنّا قوم عاديناكم في اللّه ، ولم نكن نصالحكم للدنيا ، فلعمري فلقد أعيى النسب ، فكيف السبب ؟!
وأمّا قولك « العجب ليزيد كيف يستمهر » فقد استمهر من هو خير من يزيد ومن أب يزيد ومن جدّ يزيد .
وأمّا قولك « إنّ يزيد كفو من لا كفو له » فمن كان كفوه قبل اليوم ، فهو كفوه اليوم ، ما زادته إمارته في الكفاءة شيئا .
وأمّا قولك « بوجهه يستسقى الغمام » فإنّما كان ذلك بوجه رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
وأمّا قولك « من يغبطنا به أكثر ممّن يغبطه بنا » فإنّما يغبطنا به أهل الجهل ، ويغبطه بنا أهل العقل .
ص: 227
ثم قال بعد كلام : فاشهدوا جميعا أنّي قد زوّجت أم كلثوم بنت عبد اللّه بن جعفر من ابن عمّها القاسم بن محمد بن جعفر على أربعمائة وثمانين درهما ، وقد نحلتها ضيعتي بالمدينة - أو قال : أرضي بالعقيق - وأنّ غلّتها في السنة ثمانية آلاف دينار ، ففيها لها غنى إن شاء اللّه .
قال : فتغيّر وجه مروان ، وقال : أغدرا يا بني هاشم ، تأبون إلاّ العداوة .
فذكّره الحسين عليه السلام خطبة الحسن عليه السلام عائشة وفعله ، ثم قال : فأين موضع الغدر يا مروان(1) ؟
فقال مروان :
أردنا صهرك لنجدّ ودّا
قد اخلقه به حدث الزمان
فلمّا جئتكم فجبهتموني
وبحتم بالضمير من الشنان
* * *
فأجابه ذكوان مولى بني هاشم :
أماط اللّه منهم كلّ رجس
وطهّرهم بذلك في المثاني
فما لهم سواهم من نظير
ولا كفؤ هناك ولا مداني
أيجعل كلّ جبار عنيد
إلى الأخيار من أهل الجنان
* * *
ثم إنّه كان الحسين عليه السلام تزوّج بعائشة بنت عثمان(2) !
ص: 228
وقال الحسن عليه السلام : إنّ للّه مدينتين ، إحداهما في المشرق ، والأخرى في المغرب ، فيها خلق للّه لم يهمّوا بمعصية اللّه - تعالى - قطّ ، واللّه ما فيهما ولا بينهما حجّة للّه على خلقه غيري وغير أخي الحسين(1) .
فضائل السمعاني ، وأبي السعادات ، وتاريخ الخطيب ، واللّفظ للسمعاني : قال أسامة بن زيد : جاء الحسن بن علي عليهماالسلام إلى أبي بكر ، وهو على منبر رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال : انزل عن مجلس أبي ، قال : صدقت إنّه مجلس أبيك ، ثم أجلسه في حجره وبكى .
فقال علي عليه السلام : واللّه ، ما كان هذا عن أمري ، قال : صدقتك ، واللّه ما اتهمتك(2) .
وفي رواية الخطيب : أنّه قال الحسين عليه السلام لعمر : انزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك .
فقال عمر : لم يكن لأبي منبر .
ص: 229
قال عليه السلام : فأخذني وأجلسني معه ، ثم سألني من علّمك هذا ؟
فقلت : واللّه ما علّمني أحد(1) .
ومن أصحابه عليه السلام :
عبد اللّه بن جعفر الطيار .
ومسلم بن عقيل .
وعبيد اللّه بن العباس .
وحبابة بنت جعفر الوالبية(2) .
ص: 230
وأبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي(1) .
ومسلم بن بطين(2) .
وأبو رزين مسعود بن أبي وائل(3) .
وهلال بن يساف(4) .
ص: 234
وأبو إسحاق بن كليب السبيعي(1) .
وأصحابه من خواصّ أبيه مثل :
حجر ، ورشيد ، ورفاعة .
وكميل ، والمسيب ، وقيس .
وابن وائلة ، وابن الحمق .
وابن أرقم ، وابن صرد .
وابن عقلة ، وجابر .
والدؤلي ، وحبّة .
وعباية ، وجعيد .
وسليم ، وحبيب بن قيس .
ص: 235
والأحنف ، والأصبغ ، والأعور .
ممّا(1) لا يحصى كثرة .
الحسن بن علي ميزانه في الحساب(2) : . . .
قال الكميت :
ووصيّ الوصيّ ذو الحطّة الفصل
ومردي الخصوم يوم الخصام
* * *
وقال ابن بابك :
فأنتم للوصيّ البرّ نسل
وأنتم للنبي الطهر آل
أبوكم حامل العزم المؤدّي
وقد أردى على الرشد الضلال
وأمّكم البتول وفي علي
غلا الغالون واتّسع المقال
أذلّ الشرك فاعتلت قواه
ومن ضرب على الجن الحجال
فمشّى الأسد في ربق المواشي
وساق الربد(3) تقطرها الحبال
* * *
وقال مهيار :
وإذا قريش طاولت بفخارها
في عصر إيمان وعهد فسوق
ص: 236
بنتم بما بانت على أخواتها
بمنى ليالي النحر والتشريق
يتوارثون الأرض إرث فريضة
ويملكون الناس ملك حقوق
* * *
وقال سديف :
أنتم يا بني علي ذووا الحقّ
وأهلوه والفعال الزكي
بكم يهتدى من الغيّ والناس
جميعا سواكم أهل غي
منكم يعرف الإمام وفيكم
لا أخو تيمها ولا من عدي
* * *
وقال ابن حماد :
يا أهل بيت رسول اللّه إنّكم
لأشرف الخلق جدّا غاب أو آبا
أعطاكم اللّه ما لم يعطه أحدا
حتى دعيتم لعظم الفضل أربابا
أشباحكم كن في بدو الظلال(1) له
دون البريّة خزّانا وحجّابا
وأنتم الكلمات اللائي لقّنها
جبريل آدم عند الذنب إذ تابا
وأنتم قبلة الدين الذي جعلت
للقاصدين إلى الرحمن محرابا
صلّى الإله على أرواحكم وسقى
أجداثكم ودقّ الوسمي(2) سكابا
* * *
ص: 237
ص: 238
ص: 239
ص: 240
لمّا تمّ من إمارة معاوية عشر سنين ، وعزم على البيعة ليزيد دسّ إلى جعدة بنت الأشعث - زوجة الحسن عليه السلام - :
إنّي مزوّجك من يزيد ابني على أن تسمّي الحسن عليه السلام ، وبعث إليها مائة ألف درهم .
فقتلته وسمّته ، فسوّغها المال ، ولم يزوّجها من يزيد .
فخلف عليها رجل من آل طلحة فأولدها، وكان إذا جرى كلام عيّروهم وقالوا : يا بني مسمّة الأزواج(1) .
لقد سقيت السمّ مرارا ، ما سقيت مثل هذه المرّة ، لقد قطعت(1) قطعة قطعة من كبدي ، فجعلت أقلّبها بعود معي .
وفي رواية عبد اللّه البخاري : أنّه عليه السلام قال : يا أخي ، إنّي مفارقك ولاحق بربّي ، وقد سقيت السمّ ، ورميت بكبدي في الطشت ، وإنّني لعارف بمن سقاني ، ومن أين دهيت ، وأنا أخاصمه إلى اللّه - عزّ وجلّ - .
فقال له الحسين عليه السلام : ومن سقاكه ؟ قال : ما تريد به ؟ أتريد أن تقتله ؟ إن يكن هو هو ، فاللّه أشدّ نقمة منك ، وإن لم يكن هو ، فما أحبّ أن يؤخذ بي بريء(2) .
وفي خبر : فبحقّي عليك إن تكلّمت في ذلك بشيء ، وانتظر ما يحدث اللّه فيّ .
وفي خبر : وباللّه أقسم عليك أن لا تهريق في أمري محجمة من دم(3) .
ص: 242
قال ابن حماد :
سعى في قتله الرجس ابن هند
ليشفي منه أحقادا ووغما(1)
وأطمع فيه جعدة أم عبسولم يوف بها فسقته سمّا
* * *
وله أيضا :
لمن ذا من بني الزهراء أبكي
بدمع هامر(2) ودم غزير
أللمسموم بالأحقاد أبكيأم المقتول ذي النحر النحير
* * *
وقال العلوي :
شاعوا بقتل علي وسط قبلته
حقدا وثنوا بسمّ لابنه الحسن
وأظهروا ويلهم رأس الحسين على
رمح يطاف به في سائر المدن
هذا لأنّ رسول اللّه جدّهم
أوصى بحفظهم في السرّ والعلن
* * *
وقال الصقر البصري :
لو أنّ عينك عاينت بعض الذي
ببنيك حلّ لقد رأيت فظائعا
أمّا ابنك الحسن الزكي فإنّه
لمّا مضيت سقوه سمّا ناقعا
هرّوا به كبدا لديك كريمة
منه وأحشاءا به وأضالعا
وسقوا حسينا بالطفوف على الظما
كأس المنيّة فاحتساها جارعا
ص: 243
قتلوه عطشانا بعرصة كربلا
وسبوا حلائله وخلّف ضائعا
جسدا بلا رأس يمدّ على الثرى
رجلاً له ويكفّ أخرى نازعا
* * *
ربيع الأبرار عن الزمخشري ، والعقد عن ابن عبد ربّه : أنّه لمّا بلغ معاوية موت الحسن بن علي عليهماالسلام سجد وسجد من حوله ، وكبّر وكبّروا معه .
فدخل عليه ابن عباس ، فقال له : يا ابن عباس ، أمات أبو محمد ؟ قال : نعم رحمه اللّه ، وبلغني تكبيرك وسجودك ، أما - واللّه - ما يسدّ جثمانه حفرتك ، ولا يزيد انقضاء أجله في عمرك .
قال : حسبته ترك صبية صغارا ، ولم يترك عليهم كثير معاش ، فقال : إنّ الذي وكلهم إليه غيرك - وفي رواية : كنّا صغارا فكبرنا(1) - .
قال : فأنت تكون سيّد القوم ، قال : أما أبو عبد اللّه الحسين بن علي عليهماالسلام
باق فلا .
قال الفضل بن عباس :
أصبح اليوم ابن هند آمنا
ظاهر النخوة إذ مات الحسن
رحمة اللّه عليه إنّما
طالما أشجى ابن هند وأرن(2)
ص: 244
استراح القوم منه بعده
إذ ثوى رهنا لأجداث الزمن
فارتع اليوم ابن هند آمنا
أينما يقمص(1) بالعير السمن
* * *
وحكي أنّ الحسن عليه السلام لمّا أشرف على الموت قال له الحسين عليه السلام : أريد أن أعلم حالك يا أخي ، فقال الحسن عليه السلام : سمعت النبي صلى الله عليه و آله يقول : لا يفارق العقل منّا أهل البيت ما دام الروح فينا ، فضع يدك في يدي حتى إذا عاينت ملك الموت أغمز يدك ، فوضع يده في يده .
فلمّا كان بعد ساعة غمز يده غمزا خفيفا ، فقرّب الحسين عليه السلام أذنه إلى فمه ، فقال :
قال لي ملك الموت : أبشر ، فإنّ اللّه عنك راض وجدّك شافع(2) .
ص: 245
وكان الحسن عليه السلام أوصى يجدّد عهده عند جدّه ، فلمّا مضى لسبيله غسّله الحسين عليه السلام ، وكفّنه وحمله على سريره .
فلمّا توجه بالحسن عليه السلام إلى قبر جدّه أقبلوا إليهم في جمعهم ، وجعل مروان يقول :
« يا ربّ هيجا هي خير من دعة »
أيدفن عثمان في أقصى المدينة ، ويدفن الحسن مع النبي ! أما لا يكون ذلك أبدا ، وأنا أحمل السيف .
فبادر ابن عباس ، وكثر مقالاً حتى قال : ارجع من حيث جئت ، فإنّا لا نريد دفنه ها هنا ، ولكنّا نريد أن نجدّد عهدا بزيارته ، ثم نردّه إلى جدّته فاطمة عليهاالسلام ، فندفنه عندها بوصيّته ، فلو كان وصّى بدفنه مع النبي صلى الله عليه و آله لعلمت أنّك أقصر باعا من ردّنا عن ذلك ، لكنّه كان أعلم بحرمة قبره من أن يطرق عليه هدما(1) .
ورموا بالنبال جنازته حتى سلّ منها سبعون نبلاً .
قال ابن حماد :
فنازعه أناس لم يذوقوا
وحقّ اللّه للإسلام طعما
أيدفن جنب أحمد أجنبي
ويمنع سبطه منه ويحمى
ألم يكن ابنه الحسن الزكي
له لحما بلى ودما وعظما
ص: 246
وقال الصقر البصري :
وأتوا به ليضاجعوك بجسمه
فأتاه قوم مانعوه فمانعا
منعوا أعزّ الخلق منك قرابة
ورضوا بجسمك للغريب مضاجعا
* * *
قال ابن عباس : فأقبلت عائشة في أربعين راكبا على بغل مرحّل ، وهي تقول : ما لي ؟ ولم تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أهوى ولا أحبّ !
فقال ابن عباس بعد كلام :
جمّلت وبغّلت
ولو عشت لفيّلت(1)
* * *
قال الصقر البصري :
ويوم الحسن الهادي
على بغلك أسرعت
ومايست(2) ومانعت
وخاصمت وقاتلت
وفي بيت رسول اللّه
بالظلم تحكّمت
هل الزوجة أولى با
لمواريث من البنت
لك التسع من الثمن
فبالكلّ تحكّمت
تجمّلت تبغّلت
ولو عشت تفيّلت
ص: 247
وقال الحسين عليه السلام لمّا وضع الحسن عليه السلام في لحده :
أأدهن رأسي أم تطيب مجالسي
ورأسك معفور وأنت سليب
أو استمتع الدنيا لشيء أحبّه
ألا كلّ ما أدنى إليك حبيب
فلا زلت أبكي ما تغنّت حمامة
عليك وما هبّت صبا وجنوب
وما هملت عيني من الدمع قطرة
وما اخضرّ في دوح الحجاز قضيب
بكائي طويل والدموع غزيرة
وأنت بعيد والمزار قريب
غريب وأطراف البيوت تحوطه
ألا كلّ من تحت التراب غريب
ولايفرح الباقي خلاف الذي مضى
وكلّ فتى للموت فيه نصيب
فليس حريبا(1) من أصيب بماله
ولكنّ من وارى أخاه حريب
نسيبك من أمسى يناجيك طرفهوليس لمن تحت التراب نسيب(2)
* * *
وله أيضا عليه السلام :
إن لم أمت أسفا عليك فقد
أصبحت مشتاقا إلى الموت
* * *
ص: 248
وقال سليمان بن قتة(1) :
ما كذب اللّه من نعى حسنا
ليس لتكذيب نعيه حسن
كنت خليلي وكنت خالصتي
لكلّ حيّ من أهله سكن
أجول في الدار لا أراك وفي
الدار أناس جوارهم غبن
بدّلتهم منك ليت أنّهم
أضحوا وبيني وبينهم عدن(2)
* * *
وقال دعبل :
تعزّ بمن قد مضى سلوة
وإنّ العزاء يسلّي الحزن
بموت النبي وقتل الوصيّ
وذبح الحسين وسمّ الحسن
* * *
وقال منبه الصوفي :
محن الزمان سحائب متراكمه
عين الحوادث بالفواجع ساجمه(3)
فإذا الهموم تراكمتك فسلّهابمصاب أولاد البتولة فاطمه
ص: 249
باب في إمامة السبطين عليهماالسلام
فصل 1 : في الاستدلال على إمامتهما عليهماالسلام
( 7 - 40 )
الآيات··· 9
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ··· 9
الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ . .··· 9
الاستدلال بالنصّ على إمامة الإثني عشر··· 10
الاستدلال بدعوتهما الناس الى بيعتهما··· 10
الاستدلال بانطباق النصّ والوصف عليهما··· 10
الاستدلال بفسق وكفر معاوية ويزيد··· 11
الاستدلال بإجماع أهل البيت عليهم السلام··· 11
الاستدلال بقوله صلى الله عليه و آله إمامان قاما أو قعدا··· 11
الاستدلال بكونهما أفضل الخلق··· 11
الاستدلال بكون الخلافة في أولاد الأنبياء··· 12
ص: 251
الاستدلال بقبول النبي صلى الله عليه و آله بيعتهما··· 12
الاستدلال بإيجاب ثواب الجنّة لهما مع ظاهر الطفولية··· 12
الإستدلال بالمباهلة··· 12
أسانيد حديث المباهلة··· 15
مجمع حديث المباهلة··· 17
سورة هل أتى··· 25
في الحساب··· 30
هم عباده الذين اصطفى··· 36
هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ··· 36
أنّهما التين والزيتون والرحمة والنور··· 37
نكت··· 38
فصل 2 : في محبّة النبي صلى الله عليه و آله إياهما عليهماالسلام
( 41 - 58 )
حبّهما عليهماالسلام··· 43
وجه التشبيه بالريحان··· 48
شفقته صلى الله عليه و آله عليهما··· 49
تعويذهما··· 49
أذّن في أذنيهما وعقّ عنهما··· 50
تقبيلهما··· 51
إجلاسهما في حجره··· 51
ص: 252
إيثارهما على نفسه صلى الله عليه و آله··· 53
فرط محبّته لهما··· 55
فصل 3 : في المفردات من مناقبهما عليهماالسلام
( 59 - 68 )
أبناء رسول اللّه صلى الله عليه و آله··· 61
ملاعبته صلى الله عليه و آله معهما··· 62
ترقّ عين بقّة··· 64
قول أبي بكر للحسن عليه السلام··· 66
قول أمّ سلمة للحسن عليه السلام··· 66
قول أمّ الفضل للحسين عليه السلام··· 66
نقش خاتم الباقر عليه السلام··· 67
فصل 4 : في معجزاتهما عليهماالسلام
( 69 - 78 )
برقت لهما برقة أضاءت لهما··· 71
نوح الجنّ على الحسين عليه السلام··· 72
فارس يبشّر بهما··· 72
تسبيح الرمان والعنب··· 73
زينة العيد من الجنّة··· 73
رائحة التفّاح عند قبر الحسين عليه السلام··· 74
ص: 253
جام البلور الأحمر··· 75
نزول ملك على صفة الطير على يديهما عليهماالسلام··· 77
تعويذهما زغب جناح جبرئيل··· 77
النبي وجبرئيل عليهماالسلام يستنهضانهما··· 78
فصل 5 : في معالي أمورهما عليهماالسلام
( 79 - 96 )
الآيات··· 81
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ··· 81
أنّهما إمامان قاما أو قعدا بالإجماع··· 81
أنّهما سيدا شباب أهل الجنّة··· 82
في الحساب··· 84
إضافة ركعتين على نوافل المغرب حبّا لهما··· 86
أنّهما زينت العرش والجنّة··· 86
شبههما بالنبي صلى الله عليه و آله··· 88
تسميتهما··· 89
انفرادهما بالاسم··· 92
فيما انفردا عليهماالسلام به··· 94
بينهما طهر واحد··· 94
النسب··· 94
قول الأعمش··· 95
قول واعظ··· 95
ص: 254
فصل 6 : في مكارم أخلاقهما عليهماالسلام
( 97 - 104 )
مشيهما عليهماالسلام الى بيت اللّه الحرام··· 99
جوابهما على مسألة عجز عنها ابن الزبير وابن عثمان··· 99
استجار مذنب بهما فأطلقه النبي صلى الله عليه و آله··· 100
رجل نذر أن يدهن رجلي أفضل قريش··· 100
إمساك ابن عباس الركاب لهما··· 101
علّما شيخا كيف يحسن الوضوء··· 101
ما تكلّم الحسين عليه السلام بين يدي الحسن عليه السلام··· 101
مقارنة··· 102
نكات في حروف الأسماء··· 102
باب إمامة أبي محمد الحسن بن علي عليهماالسلام
فصل 1 : في المقدّمات
( 107 - 116 )
الآيات··· 109
إِنَّ الأَْبْرارَ··· 109
فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ··· 109
وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ··· 110
ص: 255
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ··· 110
فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى··· 110
وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ··· 111
كَلاّ إِنَّ كِتابَ الأَْبْرارِ··· 111
قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى··· 111
إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ . .··· 112
النداء ثلاثة··· 112
خطبة للصاحب··· 113
قالوا في الإمام الحسن عليه السلام··· 114
في الحساب··· 115
فصل 2 : في معجزاته عليه السلام
( 117 - 126 )
دعا أبا سفيان للإسلام وهو ابن أربعة عشر شهرا··· 119
أطعم زبيريا رطبا من نخلة يابسة··· 119
إخباره أنّ داره لم تحترق··· 120
دعا عليه السلام على زياد فأهلكه··· 120
ادّعى رجل على الحسن عليه السلام مالاً كذبا فأحلفه عليه السلام فهلك··· 121
معجزتان في طريق الحجّ··· 121
إذا جلس عليه السلام انقطع الطريق وإذا مشى نزل الناس··· 122
كان يحفظ الوحي ويلقي على أمّه . .··· 123
ص: 256
إخباره أنّ قاتله في بيته··· 123
إخباره عليه السلام عن ملكهم··· 124
لو دعوت اللّه لجعل الرجل مرأة والمرأة رجلاً··· 125
مباهاته عليه السلام··· 125
فصل 3 : في علمه وفصاحة عليه السلام
( 127 - 140 )
نحن الذين نعلم··· 129
فيّ عزّة··· 129
عليه سيماء الأنبياء وبهاء الملوك··· 129
للّه مدينتان ما عليهما حجّة غير الحسنين عليهماالسلام··· 129
سئل عليه السلام عن بدو الزكاة··· 130
جوابه عليه السلام على مسألة عجز عنها الأدعياء··· 130
حكمه في جارية زفّت فافتضتها ضرّتها··· 131
حكم عليه السلام في مسألة بحكم أمير المؤمنين عليه السلام··· 132
من أحيى نفسا فلا يجب عليه قود··· 132
لو كنت بالمدينة لأريتك منازل جبرئيل من ديارنا··· 134
خطبة له عليه السلام··· 134
خطبة له عليه السلام أمام معاوية··· 135
خطبة أخرى له عليه السلام أمام معاوية··· 136
جواب مسائل ملك الروم··· 137
ص: 257
جواب مسائل الشاميّ··· 138
سنّ عدد التكبيرات في صلاة العيدين··· 138
سبب الطلق عند النساء··· 139
فصل 4 : في مكارم أخلاقه عليه السلام
( 141 - 160 )
زهده عليه السلام··· 143
إستعداده عليه السلام للعبادة··· 143
حجّه عليه السلام ماشيا وخروجه من ماله··· 144
تعجّب يوسف منه عليهماالسلام··· 145
إنّ للماء سكانا··· 146
من شعره عليه السلام··· 146
سخائه عليه السلام··· 149
أعطى المال ودفع كراء الحمّال··· 149
أعطى ما في الخزانة قبل أن يسئل··· 149
أكرم عجوزا سقته وأطعمته··· 150
وهب لرجل ديّته··· 150
سأله رجل أربعمائة درهم فأعطاه أربعة آلاف··· 151
سأل رجل ربّه عشرة آلاف درهم فدفعها له··· 151
إنّما وضع الطعام ليؤكل··· 151
شكى له رجل عبدا أبق فدفع له ثمنه··· 151
ص: 258
ما متّع به أزواجه··· 152
حيّته جارية بطاقة ريحان فأعتقها··· 153
من شعره عليه السلام··· 154
همّته عليه السلام··· 155
أعطي بارنامجا فدفعه الى خادم خصف نعله··· 155
ردّ على معاوية عطاءه··· 155
إعطاؤه البغلة لابن أبي عتيق··· 156
حلمه عليه السلام··· 157
حلمه عمّن أساء اليه··· 157
حلمه عن مروان··· 158
لم يسمع قطّ منه كلمة فيها مكروه إلاّ مرّة··· 159
فصل 5 : في سيادته عليه السلام
( 161 - 172 )
سيّد شباب أهل الجنّة··· 163
سيّد يصلح اللّه به بين فئتين··· 163
شبهه عليه السلام بالنبي صلى الله عليه و آله··· 164
مقارنة بينه وبين أخيه محمد في الجمل··· 165
أبي خير من أمّي··· 166
مفاخرة قريش عند معاوية··· 166
مفاخرته مع معاوية··· 167
ص: 259
مفاخرة أخرى بينهما··· 167
لماذا يبغض يزيد الحسن عليه السلام··· 168
زياد ينسب الحسن عليه السلام لأمّه ومعاوية يوبخه··· 169
دعاه الفقراء على كسيرات فأجاب··· 170
الحسن عليه السلام يوبخ معاوية··· 170
جوابه على كلام معاوية ومروان··· 170
توبيخه عليه السلام لحبيب الفهري··· 171
مجنون يستدلّ بالقرآن على أفضلية الحسن عليه السلام··· 172
فصل 6 : في محبّة النبي صلى الله عليه و آله إياه عليه السلام
( 173 - 184 )
النبي صلى الله عليه و آله يصلّي والحسن عليه السلام يصعد على ظهره··· 175
اللّهم إنّي أحبّه فأحبّه وأحبّ من يحبّه··· 176
تقبيل النبي صلى الله عليه و آله إياه··· 177
أجرى النبي صلى الله عليه و آله له مراسيم الولادة··· 178
شرّفهما بما شرّفهما به اللّه ··· 180
فصل 7 : في تواريخه وأحواله عليه السلام
( 185 - 194 )
تاريخ ولادته ومدّة عمره عليه السلام··· 187
حليته عليه السلام وأصحابه··· 187
ص: 260
نوّابه··· 188
بيعته وأيام خلافته عليه السلام··· 188
أسماؤه عليه السلام··· 188
كنيته عليه السلام··· 189
ألقابه عليه السلام··· 189
أمّه عليهماالسلام··· 189
شهادته عليه السلام ومدّة إمامته··· 189
تجهيزه عليه السلام وموضع قبره··· 190
أولاده عليه السلام··· 190
بناته عليه السلام··· 190
شهداء الطفّ من أولاده عليهم السلام··· 191
المعقّبون من أولاده عليه السلام··· 191
عدد أزواجه عليه السلام··· 191
إقامة زوجة الحسن بن الحسن سنة على قبره··· 192
فصل 8 : في صلحه عليه السلام مع معاوية
( 195 - 212 )
خطبته عليه السلام بعد شهادة أبيه عليه السلام··· 197
كلام ابن عباس معه عليه السلام··· 197
تبادل الكتب بينه عليه السلام وبين معاوية··· 197
خطبة عليه السلام في ساباط وخذلان القوم··· 199
ص: 261
سلبوا الإمام عليه السلام وهو حيّ··· 200
خيانة القوم وفرار عبيد اللّه بن عباس··· 201
شروط الصلح··· 202
خطبته عليه السلام في صلح معاوية··· 203
إمتناع الحسين عليه السلام عن البيعة··· 205
خطبة معاوية بعد الصلح··· 205
موقف سليمان بن صرد الخزاعي··· 206
موقف حجر بن عدي !··· 207
من شعره عليه السلام··· 207
عذلوا الإمام المعصوم عليه السلام !!··· 208
الأمويون القردة ينزون على منبر النبي صلى الله عليه و آله··· 209
خطبة معاوية في الكوفة وردّ الإمام عليه السلام··· 210
فصل 9 : في المفردات
( 213 - 238 )
وصية أمير المؤمنين لابنه الحسن عليهماالسلام··· 215
خيانة ابن عمر في صفين وردّ الإمام عليه السلام··· 223
نساء خطبهن الإمام عليه السلام··· 224
زواجه عليه السلام بأمّ خالد !··· 225
خطبة الإمام عليه السلام بنت عثمان وخطبة يزيد بنت ابن جعفر··· 226
مدينتين للّه حجتّه فيهما الحسن والحسين عليهماالسلام··· 229
ص: 262
انزل عن منبر أبي··· 229
أصحاب الإمام الحسن عليه السلام··· 230
أصحابه من خواصّ أبيه··· 235
في الحساب··· 236
فصل 10 : في وفاته وزيارته عليه السلام
( 239 - 250 )
دسّ معاوية الى جعدة فسمّته عليه السلام··· 241
سقي السمّ مرارا··· 241
وصيّته عليه السلام فيمن سمّه··· 242
معاوية يشمت بشهادة الإمام عليه السلام··· 244
بين الحسنين عليه السلام ساعة الاحتضار··· 245
تجهيزه وتشييعه عليه السلام··· 246
تبغّل عائشة··· 247
رثاء الإمام الحسين عليه السلام··· 248
رثاء سيّد الشهداء عليه السلام··· 248
سليمان بن قتّة··· 249
دعبل··· 249
منبه الصوفي··· 249
زيارته عليه السلام··· 250
الفهرست··· 251
ص: 263